للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرس: (٣) من الوصايا

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وتصح بكلب صيد ونحوه, وبزيت متنجس, وله ثلثهما ولو كثر المال إن لم تجز الورثة)

آخر مسألة تكلمت عنها في الدرس السابق, هي جواز الوصية بالأموال, أو جواز الوصية بالأعيان, ولا نقول الأموال لأنها ليست أموال جواز الوصية بالأعيان التي يباح الانتفاع منها, وإن كان لا يجوز البيع والشراء بها, وذكرنا الدليل على ذلك وهو أنّ الوصية نوع من التبرعات, وليست من عقود المعاوضات, فدخلها التخفيف, ثم ذكر المؤلف - رحمه الله - ما يتعلّق بتفصيل الوصية, فبيّن أنّ الإنسان إذا أوصى بهذه الأشياء فإنه لا يملك الموصى إليه إلاّ ثلث الموصى به إذا كانت من جنس هذه الأعيان.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(وله ثلثهما ولو كثر المال إن لم تجز الورثة)

له يعني للموصى إليه, ثلث الكلب أو الزيت المتنجس فقط, والباقي للورثة, ليس له إلاّ ثلث هذه الوصية, إلاّ إن أجازت الورثة فله جميع الموصى به, فإذا أوصى له بكلب فله ثلث الكلب, وإذا أوصى له بزيت متنجس فله ثلث هذا الزيت المتنجس فقط.

واستدل الحنابلة على هذا الحكم, بأنه لا يوجد في المال من هذا الجنس إلاّ هذا الموصى به, فليس له إلاّ الثلث، ومعنى قوله لا يوجد في المال من هذا الجنس, السبب في ذلك ومعناه أنّ مال الميّت إذا كان فيه نحو كلب, وأموال أخرى, فهو ينقسم إلى جنسين:

الجنس الأول: الأموال الشرعية.

والجنس الثاني: المختصات: وهي التي يجوز أن ينتفع بها وليست من الأموال الشرعية.

فالمؤلف والحنابلة يقولون ليس في تركته من هذا الجنس إلاّ هذا الكلب, فليس له من هذا الجنس إلاّ الثلث واضح.

بناء عليه إذا أوصى بكلب, وعنده ثلاثة كلاب, فهل الحكم أنه له الثلث؟ أو له الكلب كاملاً؟ لماذا؟ الجواب لأنّ هذا الجنس فيه أكثر من هذا الكلب, وهذا الكلب يشّكل ثلث الجنس في المثال الذي ذكّرت هذا مذهب الحنابلة وعرفت الآن دليلهم.

والقول الثاني: أنّ له جميع الكلب بلا استثناء، لأنه أوصى له بالكلب فله الكلب تمشيّاً مع وصية الميّت.

القول الثالث: أنّ الكلب ونحوه يقدّر, فإن كانت القيمة المقدرة تبلغ ثلث المال أخذ الكلب كاملاً وإن كانت أقل أخذ الكلب كاملاً وإن كانت أكثر أخذ بمقدار الثلث من الكلب, وهذا القول اختاره الحارثي وفيه قوة وفيه إنصاف للورثة والموصى إليه فيكون إن شاء الله هو القول الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>