- الدليل الثاني: أن الله تعالى إنما استعمل النكاح في القرآن في جميع موارده بمعنى: العقد. لا بمعنى الوطء. إلا في آية واحدة حتى تنكح وهي قوله تعالى: {حتى تنكح زوجا غيره ... } [البقرة/٢٣٠] ففي هذه الآية ذهب جماهير المفسرين إلى أن المعنى بالنكاح في هذه الآية هو الوطء فلما وجدنا أن القرآن يستخدم النكاح في العقد في كل المواضع إلا في موضع واحد علمنا أنه حقيقة فيه مجاز في الوطء.
- الدليل الثالث: قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية ... } [النور/٢] يعني لا يعقد إلا على زانية ويبعد أن يكون المعنى لا يطأ إلا زانية.
= القول الثاني: أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد. وإلى هذا ذهب الأحناف.
وذهب إليه من أئمة اللغة ممن لقولهم أثر بالغ: الإمام الزمخشري. وأيضاً: الأزهري. وكأن الأكثر من أهل اللغة يميلون إلى هذا القول.
واستدل الأحناف على هذا:
- بأن العرب يستخدمون كلمة النكاح في الوطء.
- واستدلوا بقوله تعالى: {حتى تنكح زوجا غيره ... } [البقرة/٢٣٠] وقالوا: الآية صريحة في استخدام النكاح في الوطء.
= القول الثالث: أنه مجاز فيهما. وهو أضعف الأقوال. وقول غريب في الحقيقة.
= القول الرابع: أنه حقيقة فيهما.
واستدل أصحاب القول الرابع:
- بأنه لما جاء اللفظ مستخدماً في الوطء والعقد في الكتاب والسنة ولغة العرب علمنا أنه حقيقة مشتركة بين الأمرين: ـ العقد. ـ والوطء.
ونصر هذا القول من أئمة اللغة: الزجاج ومن أئمة الحنابلة: القاضي أبو يعلى ومن أئمة أهل العلم المحققين شيخ الإسلام بن تيمية، وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله. لأن به تجتمع الأدلة.
وهذه المسألة أطال فيها أهل العلم وذكروا أدلة وأجوبة طويلة جداً وذلك والله أعلم لأن الأقرب للصواب أنه حقيقة فيهما ولذلك صار كل واحد يأتي بأدلة كثيرة صحيحة.
فمن أتى بأدلة على أنه حقيقة في الوطء فكلامه صحيح، ومن أتى بأدلة على أنه حقيقة في العقد فكلامه صحيح، ولهذا يظهر لمن يطالع كلام الفقهاء وتشعب الأدلة والأجوبة نوع اضطراب بسبب أنهم يريدون ترجيح أحد القولين: والصواب أن كلاً منهما صحيح.