ولو أن المؤلف - رحمه الله - بدل أن يقول هذه العبارة أتى بعبارة الحنابلة الأخرى وهي: (أن حكم المرأة في الجواب كحكم الخاطب في الخطبة.
ـ فإذا جاز له التعريض جاز لها التعريض.
ـ وإذا جاز له التصريح جاز لها التصريح.
ـ وإذا حرم التصريح والتعريض حرم عليها التصريح والتعريض.
حكمها حكم الخاطب.
واستخدام هذا أشمل من تخصيص الحكم بالرجعية.
وبهذا عرفنا متى يجوز أن يخطب الإنسان المرأة المعتدة تصريحاً أو تعريضاً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
والتعريض: ((إِنِّي فِي مِثْلِكِ لَرَاغِبٌ))، وتجيبه: ((مَا يُرْغَبُ عَنْكَ)) ونحوهما.
التعريض هو: ما يفهم منه النكاح ويحتمل غيره.
والتصريح: ما لا يحتمل إلا النكاح.
فلما كان التصريح لا يحتمل إلا النكاح لم يذكر أمثلته لأنه واضح وإما ذكر أمثلة التعريض:
فيقول: (نحو قوله: إني في مثلك لراغب). وأيضاً نحو قوله: (ما أحوجني إلى مثلك) ونحو هذه العبارات.
وينبغي أن تتنبه إلى مسألة. وهي أن التعريض كما يكون بالقول يكون بالفعل.
مثل: أن يهدي إليها هدية. فإنه من المعلوم أنه إذا أهدى إلى امرأة معتدة فإنه يشير إلى رغبته فيها.
وبهذا أفتى ابن عباس أن الهدية تقوم مقام التعريض.
نستطيع أن نأخذ من هذا قاعدة وهو أن التعريض هو أن يبدي الإنسان رغبته في الزواج من هذه المرأة بغير لفظ صريح.
وهذه قاعدة تشمل أي تصرف كان يفهم منه رغبة الرجل بالزواج من هذه المعتدة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
فإن أجاب ولي مجبرة، أو أجابت غير المجبرة لمسلم: حرم على غيره خطبتها.
أفادنا المؤلف - رحمه الله - أن خطبة الإنسان على خطبة غيره لا تجوز.
وأما قول المؤلف هنا: (فإن أجاب ولي مجبرة، أو أجابت غير المجبرة) ففيه تقسيم النساء إلى مجبرة وغير مجبرة.
وهذا سيأتينا في الكلام عن أحكام الولي، الذي يعنينا الآن أنه لا يجوز للإنسان أن يخطب على خطبة أخيه.
ولكن قيد الحنابلة هذا: بأن يجيبوه، ولهذا هو يقول هنا: (فإن أجاب. أو: أجابت).
فإذا أجاب أو أجابت فإن خطبة الإنسان على خطبة أخيه محرمة وحكي الإجماع بعد الإجابة.
- لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع).
(الأذان).