لما ذكر المؤلف الحكم العام شرف في المستثنيات:
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
وإن رد ... جاز.
يعني: إذا خطب فردوه: جاز للثاني أن يخطب.
- لأنه بالرد سقط حقه من تحريم خطبة غيره عليه. وإذا سقط حقه جاز لغيره أن يخطب.
وهذا لا إشكال فيه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
أو أذن.
إذا أذن جاز.
- لأنه صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن خطبة الرجل على خطبة أخيه حتى يدع أو يأذن.
فإذا أذن جاز بالإجماع لأن النص صريح فيه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
أو جهلت الحال: جاز.
إذا لم يعلم الخاطب الثاني هل ردوا الخاطب الأول أو لم يردوه جاز للخاطب الثاني أن يخطب.
للماذا؟
- قالوا: لأنه إذا لم يعلم هل أجيب أو لم يجب فإن الأصل عدم الإجابة.
وهذه المسألة عند الحنابلة مبنية على مسألة أخرى هي أهم من هذه المألة وهي:
* * هل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه خاص بما إذا أجيب أو عام يشمل ما إذا أجيب وإذا لم يجب؟
الجواب: أن هذه المسألة فيها خلاف:
= ذهب الجماهير من أئمة المسلمين والفقهاء إلى أن هذا الحديث مخصوص بما إذا أجيب فإذا لم يجب جاز لغيره أن يخطب.
بل حكي الإجماع. حكى الإجماع غير واحد على أنه يجوز أن يخطب إذا لم يجب.
= والقول الثاني: وهو فقط قول للشافعية. أنه يحرم مطلقاً.
واستدلوا: بعموم الحديث. لأن الحديث: يقول: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه. وليس فيه قبل أو بعد.
أما دليل أصحاب القول الثاني وهو قول للشافعية فواضح وهو عموم الحديث ولم يفرق بين أن يجيبوه وأن لا يجيبوه.
نبقى في دليل القول [الأول] الذي حكي إجماعاً وذهب إليه علمة السلف.
دليلهم: استدلوا على هذا بأدلة:
- الدليل الأول: ما تقدم معنا: أن فاطمة - رضي الله عنها - خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم خطبها معاوية ثم [أبو جميل] ثم أسامة فهؤلاء خطبوها جميعاً.
وهذا دليل على أنه ما لم تجي المخطوبة يجوز للإنسان أن يخطب على خطبة أخيه.
وأجاب القائلون بالوجوب أنه ربما أنهم لم يعلموا بخطبة بعضهم من بعض وربما أنهم علموا بأن فاطمة ردت ومن وجهة نظري أن هذه الأجوبة فيها تكلف.