- الدليل الثاني لهم: ما أخرجه البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن. قيل ما إذنها يا رسول الله؟ قال: أن تسكت.)
فالحديث نص على أن البكر لا تنكح حتى تستأذن.
فهذان حديثان لأصحاب القول الثاني.
والأقرب إن شاء الله من حيث الأدلة القول الثاني. والسبب في ذلك أن أصحاب القول الأول استدلوا بمفهوم الحديث بينما استدل أصحاب القول الثاني بمنطوق الحديث وتقدم معنا في كتاب الطهارة وفي غيره أن الاستدلال بالمنطوق مقدم على الاستدلال بالمفهوم.
ولهذا نقول: الراجح إن شاء الله أن البكر البالغة لا تجبر على النكاح.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
لا الثيب.
يعني: أن المرأة الثيب البالغة لا تجبر على النكاح.
واستدل الحنابلة على هذا الحكم بأدلة:
- الأول: الإجماع. فإنه حكي الإجماع على أن الثيب البالغة لا تجبر على النكاح ولم يخالف في هذا الإجماع إلا رجل من أعلام وسادات الأمة وأكبرهم بعد الصحابة والتابعين شأناً وهو الحسن البصري.
لكن مع ذلك في الحقيقة يستغرب على الشيخ الإمام الفقيه الزاهد الورع الحسن البصري أنه يخالف في مثل هذه المسألة.
ووجه الاستغراب: أن في هذه المسألة نص صريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم هذا النص أخذ به كل العلماء.
ولهذا نسب كثير من أهل العلم هذا القول من الشيخ الحسن البصري إلى الشذوذ لمخالفة النص الصريح الواضح وكما قلت لكم أنه مثل هذا القول يستغرب على الحسن البصري إن ثبت عنه.
- الدليل الثاني: أن امرأة يقال لها الخنساء زوجها أبوها وهي ثيب بغير إرادتها فرفعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد النكاح.
هذا الحديث في صحيح البخاري. لكن هذا الحديث وإن كان في صحيح البخاري إلا أنه من الأحاديث التي انتقدها الإمام الدارقطني في كتابه التتبع. وناقش العلماء قول كل من البخاري والدراقطني وممن ناقش المسألة بطبيعة الحال ابن حجر فإنه ذكر الخلاف بين البخاري والدارقطني والأقرب والله أعلم أن الصواب مع البخاري فيكون الحديث صحيح إن شاء الله.
وهو نص في المسألة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثبت الاختيار للمرأة الثيب.