الدرس: (٣) من النكاح
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كنت بالأمس تحدثت عن البكر وذكرت أن لها أقساماً ثلاثة وتحدثن عن القسم الأول وذكرت حكمه مع الأدلة.
ـ القسم الثاني: البكر التي تم لها تسع سنوات فأكثر ولكنها لم تبلغ.
فهذا النوع اختلف فيه الفقهاء على قولين:
= القول الأول: لجمهور الفقهاء: ذهبوا إلى أن حكم البكر قبل وبعد التسع واحد. أي: أنه لأبيها أن يجبرها على النكاح.
واستدلوا:
- بأن البنت بعد التسع وقبل البلوغ ما زالت غير مكلفة فنقيس ما بعد التسع على ما قبل التسع بجامع عدم التكليف والبلوغ.
- الدليل الثاني: أن البنت بعد التسع ليس لإذنها عبرة في التصرفات. فيقاس عليها النكاح.
وهذا القول كما قلت لكم مذهب الجماهير.
= القول الثاني: أن البنت بعد التسع لا تجبر. وهو مذهب قلة من الفقهاء واختاره من المحققين الزركشي وشيخ الإسلام بن تيمية.
واستدلوا:
- بأثر عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.
ـ القسم الثالث: البكر البالغة. وهي التي ذكرها المؤلف - رضي الله عنه - وهي محل الخلاف القوي.
فالبكر البالغة:
= ذهب الأئمة الثلاثة أحمد ومالك والشافعي إلى أنها تجبر وتزوج بغير إذنها.
واستدل الجمهور:
- بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم: (الأيم أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأمر وإذنها صماتها).
وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم النساء إلى قسمين: ـ البكر. ـ والثيب. وأثبت أن الثيب أحق بنفسها من وليها. وهذا يدل بمفهومه على أن البكر ليست أحق بنفسها من وليها.
= والقول الثاني: وهو مذهب الأحناف واختاره ابن المنذر وغيره من المحققين كشيخ الإسلام بن تيمية:: أن البكر البالغة لا تجبر على النكاح.
واستدلوا:
- بأن جارية بكراً أجبرت على النكاح في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفعت أمرها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيرها.
وهذا الحديث اختلف فيه المتقدمون والمتأخرون. فأبو داود والبيهقي يرون أنه لا يصح ويعلونه بالإرسال وجملة المتأخرين يصححونه.