مسألة: تقدم معنا أن الحنابلة لا يعتبرون العقد من الشغار إلا إذا اجتمع فيه وصفان.
ودليلهم على هذا حديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار" وقال هو أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته وليس بينهما صداق.
فقالوا الحديث فسر الشغار واشترط خلوه من الصداق.
والجواب عن هذا الحديث ـ قبل أن ننتقل إلى القول الثاني ـ الجواب عن الحديث أن التفسير المذكور في الحديث إنما هو من كلام الإمام نافع، وقد صرح أبو داود أن هذا الكلام إنما هو تفسير من نافع، كما أن البخاري ومسلم أخرجا الحديث ونسبا في رواية التفسير إلى نافع، وهذا هو الصحيح أن التفسير من نافع.
القول الثاني: أن الشغار: هو أن يزوج الرجل موليته لآخر على أن يزوجه الآخر موليته، ولا يُشترط أن يخلو من الصداق، إذاً الممنوع على هذا القول هو مجرد الاشتراط، فإذا وجد الاشتراط بطل العقد، وإلى هذا ذهب ابن حزم، وهو قول لبعض الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله.
والدليل على هذا من وجهين:
الأول: حديث أبي هريرة وهو في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الشغار وقال: الشغار أن يزوج الرجل موليته لآخر على أن يزوجه الآخر موليته" ولم يذكر الصداق.
الثاني: أن العباس بن عبد الله بن العباس تزوج أخت الحكم على أن يزوجه الحكم أخته، فقام معاوية خطيباً وأبطل النكاح وقال: هذا هو الشغار، وإبطاله لهذا النكاح كان على مرأى ومسمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعترض عليه أحد، وليس في الأثر اشتراط الخلو من الصداق، بل فيه أن كل منهما أصدق الأخرى صداقاً.