للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القول كما قلت هو الصحيح إن شاء الله، فالنكاح يعتبر من الشغار بمجرد الاشتراط، فالاشتراط هو علة المنع، ويؤيد هذا أن الظلم على المرأة غالباً لا يكون بمنع المهر، وإنما يكون بأن يفرض عليه الزواج أو يكرهها على الزواج بطريقة أو بأخرى، لأنه يريد أن يتزوج بمولية الآخر، فهذا هو الظلم في الحقيقة، وليس فقط خلو العقد من المهر، فهذا الظلم متوقع، والواقع كثيراً، هو سبب التحريم، فإن إنضاف إليه خلوه من الصداق صار ظلمات بعضها فوق بعض، وظلم للمرأة من أكثر من وجه، وصار محرماً بلا إشكال، لكن في مسألة تعريف الشغار هو هذا أي هو ما يكون فيه اشتراط ولو مع المهر.

هذا هو النوع الأول من الشروط الفاسدة والمفسدة وهو الشغار، ثم انتقل الشيخ رحمه الله إلى النوع الثاني.

قال المؤلف - رحمه الله -

(وإن تزوجها بشرط أنه متى حللها للأول طلقها ... )

وهذا النكاح يسمى نكاح تحليل ونكاح التحليل محرم ولا ينعقد، ولا يوجب تحليل المرأة المطلقة ثلاثاً.

والدليل على هذا "أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له" هذا الحديث له طرق كثيرة جداً لكن لا يخلو شيء من هذه الطرق من علة، وإنما الحديث يصح بمجموع طرقه، فيكون صالح للاستدلال باجتماع الطرق وإلا في الحقيقة لا يوجد إسناد صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه اللعن لكن توجد أسانيد كثيرة يعضد بعضها بعضاً.

الدليل الثاني: أنه نقل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم آثار كثيرة فيها النهي عن أن يتزوج الإنسان امرأة لمجرد التحليل.

الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى من يتزوج ليحلل المرأة ليس إلا بالتيس المستعار وحديث التيس المستعار ضعيف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

مجموع هذه الأدلة لاسيما الآثار مع حديث "لعن الله المحلل والمحلل له" الذي يصح بمجموع طرقه يصلح لبيان أن نكاح التحليل محرم، بل ربما نقول تحريمه وإبطاله إجماع من الصحابة.

قال المؤلف - رحمه الله -:

(أنه متى حللها للأول طلقها أو نواه بلا شرط)

<<  <  ج: ص:  >  >>