يعني إن اشترط في العقد فهو نكاح تحليل بلا إشكال، وكذلك لو نواه ولم يشترطه في العقد، فالعقد يعتبر نكاح تحليل، والضمير في نواه يرجع إلى الزوج، فإذاً النكاح إذا قصد به التحليل يبطل بمجرد النية عند الحنابلة لقول النبي صلى الله عليه وسلم" إنما الأعمال بالنيات" ولأن هذا لم يُرد النكاح الشرعي وإنما أراد نكاح التحليل.
القول الثاني: أنه إذا نوى التحليل ولم يشترط في العقد فالعقد صحيح.
واستدلوا على هذا بأن هذا العقد مستوفي بأركانه وشروطه، فهو صحيح وإن نوى التحليل، وزاد بعضهم بل إنه يؤجر على هذا العمل لأنه أراد الإحسان بإرجاع الزوجة المطلقة ثلاثاً إلى زوجها المطلق ثلاثاً.
والصواب إن شاء الله بلا إشكال أن التحليل محرم بالنية، ولو بدون التصريح باشتراطه أثناء العقد، وعلى هذا تدل آثار الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وكذلك يدل عليه الاعتبار الصحيح إذ لا يوجد فرق بين أن يصرح بالنية وبين أن لا يصرح.
مسألة: أفاد المؤلف أن النية التي تؤثر وتفضي إلى إفساد العقد هي نية الزوج فقط دون نية المرأة.
والقول الثاني أن نية كل من الزوج والمرأة والولي إن نووها تبطل، والصواب إن شاء الله أن النية المؤثرة هي فقط نية الزوج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الله المحلل والمحلل له" فالحديث نص على أن المحلل والزوج، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة لما أرادت أن ترجع إليه بعد تطليقها ثلاثاً:"أتريدين أن ترجعي إليه، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" فقوله صلى الله عليه وسلم "أتريدين أن ترجعي إليه" إشارة إلى أنها نوت هذا ومع ذلك لم يبطل النبي صلى الله عليه وسلم العقد الثاني، لأن الزوج الثاني وهو عبد الرحمن بن الزبير لم يقصد التحليل.
وبهذا الحديث استدل الإمام أحمد رحمه الله على أن نية المرأة ليست بشيء وهذا هو الصواب، فإذا رضيت بالزواج بنية أن تعود إلى زوجها الأول، لكن الزوج الثاني لم ينو مطلقاً هذه النية فالعقد صحيح، وهو مبيح للزوج الأول متى طلقها الزوج الثاني.