للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنه إذا شرطها جميلة أو بكراً أو نسيبة وتبين أنها ليست كذلك فلا خيار له، واستدلوا على هذا بأن فسخ النكاح إنما يكون بالعيوب التي توجب الفسخ وهي ثمانية فقط، وليست هذه منها، كما أن هذه الصفات صفات كمال وليست نقص في العيب، فإذا تخلفت لم يؤدي هذا إلى إبطال العقد.

والراجح بلا شك ولا إشكال أنه إذا تخلفت هذه الشروط فإنه له حق الفسخ، لأن هذه الشروط شروط مقصودة فيها نفع ظاهر للزوج، إلا أنه ينبغي التأكيد على أن اشتراط أن تكون جميلة أنه اشتراط غير دقيق ويؤدي إلى النزاع، لأن ما معنى جميلة؟ أولاً لا يوجد جميلة إلا ويوجد من هي أجمل منها، وهذا الأمر سهل، الأمر الآخر وهو أصعب أنه قد تكون المرأة جميلة جداً في نظر شخص وفي نظر الآخر ليست بجميلة، والحل من وجهة نظري أن يجعل الضابط فلان، يقول جميلة بنظر فلانة ممن يثق هو برؤيتها، ويثق أيضاً بتقديرها للجمال، المهم أن تضبط، أما أن يشترط أن تكون جميلة هذا أمر لا يمكن ضبطه، ويستطيع أن يفسخ مهما كانت المرأة توصف بالجمال، كما أن هذا الشرط يدل على قوة القول باستحباب النظر إلى المرأة، لأنه مع النظر إلى المرأة لا نحتاج إلى أن نشترط أنها جميلة، ولا يستطيع هو أن يفسخ لأنه سبق أن رآها وعرف هل هي جميلة أو ليست بجميلة.

قال المؤلف - رحمه الله -:

(وإن عتقت تحت حر فلا خيار لها)

المرأة إذا عتقت تحت الحر فلا خيار لها، بل هي ملزمة بالبقاء معه.

واستدلوا الجمهور على هذا الحكم بدليلين:

الأول: أنها بكونها حرة أصبحت مساوية له في المنزلة، يعني للزوج، ونحن الآن نتكلم عن الأمة تحت الحر، فإذا عتقت تساوت هي وإياه في المنزلة فلا تملك الفسخ.

الثاني: حديث عائشة أن بريرة رضي الله عنها وأرضاها لما عتقت اختارت الفسخ، قالت عائشة: وكان زوجها عبداً ولو كان حراً لم تمكن من الفسخ.

القول الثاني: أن الأمة إذا عتقت خيرت سواء كان زوجها حراً أو عبداً، واستدلوا برواية لحديث بريرة أن زوجها كان حراً، والصواب إن شاء الله أن الزوج كان عبداً وإلى هذا مال الإمام البخاري، وأن هذه الرواية أصح الروايات، وبهذا عرفنا أن دليلهم الأول ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>