التعليل الثاني: أنه بهذا الوطء حصل مقصود المرأة وهو استقرار المهر، فإذا وطء مرة لا تملك المرأة المطالبة بعد ذلك بدعوى أنه عنين، المطالبة بالفسخ بدعوى أنه عنين.
القول الثاني: وهو الذي تبناه فقيه أبو ثور أنه إذا وطء مرة ثم لم يتمكن من الوطء مرة أخرى وأصيب بالعنة بعد ذلك أن لها أن تطالب، واستدل على ذلك بأن الضرر موجود، وبأن الحكم يدور مع علته والعلة هي عدم التمكن من الوطء بسبب عدم الانتشار، وهي موجودة بهذه الصورة، والراجح إن شاء الله القول الثاني، لأن الضرر الحاصل بترك الوطء، ولو كان وطء مرة واحدة كالضرر الحاصل بترك الوطء من الأصل، فالأقرب إن شاء الله القول الثاني.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولو قالت في وقت ... )
إذا قالت المرأة في وقت من الأوقات رضيت به عنيناً سقط حقها، وظاهر كلام المؤلف سواء رضيت به قبل هذه السنة أو بعد السنة أو في أثناء السنة، والتعليل أنها أسقطت حقها باختيارها، فلا تستطيع بعد ذلك أن تستدرك هذا الحق، وإلى هذا ذهب الجماهير.
والقول الثاني: أنها إذا أسقطت حقها فلها أن ترجع فيه، وهو مذهب المالكية، وأضافوا إلى هذا أنها إذا رجعت عن إسقاط حقها فإنا لا نحتاج إلى أن نضرب له أجلاً مرة ثانية إذا كان ضرب له أجل في المرة الأولى، فالمالكية حفظوا حق المرأة بهذا القول، فهم يرون أنه لها أن تطالب ولا يشترط أن نعيد الكرة مرة أخرى ونؤجله لمدة سنة، وهذا القول الذي ذكره صحيح وقوي لما تقدم من أن هذا الحق يدوم ويطول، يعني قضية أن يكون عنيناً عيب يستمر، والعيوب التي تستمر للمرأة الرجوع عن التنازل بحقها، لما يدخل عليها من ضرر عظيم، ونحن نتحدث فيما إذا علمت بالعيب بعد العقد، أما إذا علمت بالعيب قبل العقد وعقد العقد وهي عالمة فإنها لا تملك الرجوع كما سيأتينا، إنما البحث الآن فيما إذا دخلت وعقد عليها ثم تبين لها أن فيه هذا العيب، حينئذ إذا رضيت فلها أن ترجع، أما إذا كان العقد عقد على هذا الأساس فليس لها أن ترجع، وبهذا انتهت العيوب المتعلقة بالرجل.