هذه هي المسألة الرابعة: أن العنين إذا ثبتت عليه العنة يؤجل لسنة، والدليل على هذا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكم بتأجيل العنين لمدة سنة بمحضر من الصحابة، ولم يعترض عليه أحد، فهو أشبه ما يكون بإجماع الصحابة، والمقصود بالسنة يعني الهلالية، ولا يحكم عليه قبل مضي السنة يعني بالفسخ.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(أجل سنة منذ تحاكمه)
يعني أن بداية حساب السنة يكون من التحاكم للقاضي لا من الدعوى ولا من العقد، وإنما من حين التحاكم، فإذا صدر الحكم بدأنا بحساب السنة، والدليل على هذا أيضاً أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن ظاهره أن السنة حسبت من حين حكم عليهم، كما أن في بعض الآثار التصريح في بعض الروايات عن عمر بن الخطاب بأن السنة حسبت بعد المحاكمة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(فإن وطء فيه وإلا فلها الفسخ)
يعني إذا مضت السنة ولم يطأ طيلة السنة ولا مرة واحدة فإن لها الحق في الفسخ، وهذا هو ثمرة إثبات العيوب المخولة للزوجة بالفسخ، وذهب الجمهور إلى أن هذا الحق يثبت على التراخي وليس على الفور، فإذا سكتت بعد السنة فلها أن تطالب بعد مضي شهر أو شهرين أو ثلاثة بحقها بالفسخ إذا لم يطأ، فهو أمر يثبت على التراخي لا على الفور، ربما رأت المرأة الانتظار أكثر من ذلك، وربما رأت أن تختبر نفسها هل تستطيع الصبر مع مثل هذا الزوج، أو لأي حكمة أخرى، على كل حال هو عند الجمهور على التراخي وهذا هو الصواب، والتعليل أنه على التراخي لأن التراخي في هذه المسألة لا يسقط حقها ولها أن تطالب متى شاءت بحقها في الفسخ إذا لم يطأ في أثناء هذه السنة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وإن اعترفت أنه وطئها فليس بعنين)
إذا اعترفت أنه وطئها يعني ولو مرة واحدة والسبب في ذلك يعود إلى تعليلين:
التعليل الأول: أنه بوطئه ولو مرة واحدة تحققنا أنه ليس بعنين، وقد أشر بالأمس إلى أن مقصود الفقهاء بكون الزوج عنين يعني أن يكون هذا صفة له دائمة وليست عارضة، فإذا وطء ولو مرة واحدة بانتشار دل هذا على أنه ليس بعنين.