الدليل الثاني: وهذا أيضاً ذكره بعض الحنابلة، أن المخصي قد يكون أقوى في الجماع من غيره، ووجه ذلك عندهم أن المخصي يجامع ولا يريق الماء الذي يحصل بسببه الضعف، لأنه لا ماء عنده، فهذا الفريق وهو أيضاً بعض الحنابلة يعكس الدليل فيقول أن الخصاء من أسباب زيادة الاستمتاع، بخلاف الفريق الأول الذين يرون أن الخصاء من الأشياء التي تضعف الاستمتاع، في الحقيقة الفصل بينهما يحتاج إلى طبيب، لكن بالنسبة للترجيح الراجح مذهب الحنابلة، والسبب في هذا عدم وجود الذرية، فلو سلمنا لبعض الحنابلة وغيرهم أنه لا يقدح في الاستمتاع أو لا يضعف الاستمتاع، إلا أن عدم وجود الذرية هو بحد ذاته موجب للفسخ.
الراجح إن شاء الله مذهب الحنابلة وهو أيضاً اختيار الشيخ ابن القيم.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وكون أحدهما خنثى واضحاً)
إذا كانت خنثى غير مشكل وإنما واضح فهو مما يجيز للآخر الفسخ، وأما الخنثى المشكل فلا نحتاج للكلام عنه لأنه لا يصح نكاحه عند الحنابلة.
الفسخ بالخنثى الواضح محل خلاف أيضاً، فالحنابلة يرون أنه يفسخ به لأنه لا يتم الاستمتاع به بسبب كونه خنثى وتردد الطرف الآخر في حقيقة المقابل.
والقول الثاني: أنه إذا كان خنثى واضح وليس بمشكل ويقوم بما عليه من واجب سواء كان الرجل أو المرأة فإن الآخر لا يحق له الفسخ، لأن الاستمتاع المقصود بالعقد موجود، وفي الحقيقة الأقرب أيضاً مذهب الحنابلة، لأنه يبقى الإنسان لم يتمكن مع ما يوصف به الآخر من أنه خنثى من الاستمتاع على الوجه الكامل.
انتهى الشيخ رحمه الله من القسم الثاني، ومن القسم المشترك هذا الذي المؤلف لم يرتبه بحيث يكون تبع النساء ولا المشترك، وانتقل إلى القسم الثالث وهو المشترك عند جميع أهل العلم، ولو أن الشيخ أخذ الأشياء المشتركة من القسم الثاني ووضعها مع الأشياء المشتركة من القسم الثالث لكان أولى، لكن الشيخ لعله أراد أمر آخر وهو حسن الترتيب، لأن استطلاق البول والقروح والباسور أمراض متشابهة، وإن كان بعضها مشتركاً وبعضها خاصاً، لكنه متشابه وبذلك جعلها مع بعض لكن الآن هو بدأ بالقسم الثالث: