الجنون من العيوب المشتركة، فقد تكون الزوجة مجنونة، وقد يكون الزوج مجنوناً، وقول الشيخ الجنون ولو ساعة يعني أنه لا يشترط في الجنون يكون مطبقاً، فإذا كان ينتابه ويرتفع عنه فإنه عيب يفسخ به النكاح، واستدل الحنابلة على هذا بأن المجنون ولو أحياناً يخشى من ضرره هذا الدليل الأول.
الدليل الثاني: أن النفس لا تركن إلى من هذه حالة، وهذا تعليل لطيف من الحنابلة، صحيح إذا علم أنه قد يجن فإن النفس لا تركن إلى اتخاذه زوجاً أو زوجه، وهذا لا إشكال فيه إن شاء الله، وهو ثبوت حق الفسخ بالجنون ولو كان عارضاً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وبرص وجذام)
البرص والجذام من الأمراض التي تعد عيوب مشتركة للزوج والزوجة، والدليل على هذا من عدة أوجه:
الوجه الأول: أن في كل منهما ما يؤدي إلى النفرة وعدم السكون.
الثاني: وهو خاص بالبرص، أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة ولما وضعت ثيابها رأى في كشفها بياضاً، فقال: خذي عليك ثيابك والحقي بأهلك صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث ضعيف لا يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع ذلك، هذا بالنسبة للبرص، بالنسبة للجذام استدلوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"فر من المجذوم فرارك من الأسد"، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الفرار فالفسخ من باب أولى، أضف إلى هذا أن الجذام معدي بخلاف البرص، فهو علة خاصة بالجذام، أضف إلى هذا كله وهو من أهم الأدلة أن اعتبارها عيوب مروي عن عمر بن الخطاب وعن ابن عباس، فكما ترى الأدلة الدالة على ذلك كثيرة جداً، فهذه العيوب تثبت الخيار في الفسخ سواء كانت بالمرأة أو كانت بالرجل.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(يثبت لكل واحد منهما الفسخ)
هو عندك هنا يقول بكل واحد منهما فتعدلونها لتكون منها.