الدليل الثالث: الأثر المروي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لا تغلوا صداق النساء فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صداق نسائه ولا بناته عن اثنتي عشرة أوقيه) وهذا الأثر ثابت إن شاء الله عن أمير المؤمنين عمر. كما ترى الآثار واضحة جداً، وإذاً نصتصحب هذا الأصل أثناء دراسة مسائل الصداق، وهو أن الأحب للشارع أن يكون يسيراً قليلاً.
مسألة: فإن زاد الإنسان في المهر زيادة كثيرة مع القدرة فهو جائز بلا كراهة بشرط أن يخلو من سبب إضافي يدل على الكراهة، كالمباهاة والمنافسة الجاهلية في مقدار الصداق، وهذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله وهو الصحيح إن شاء الله.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(يسن تخفيفه وتسميته في العقد)
أفادنا المؤلف رحمه الله بهذه العبارة مسألتين:
الأولى: أن تسمية النكاح يعني ذكر مقدار المهر في أثناء العقد أنه سنة.
والدليل على هذا من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمي المهر.
الثاني: أن تسمية المهر أثناء العقد أقطع للنزاع.
المسألة الثانية التي أفادها كلام المؤلف هو: جواز عدم تسمية المهر في العقد لأن تسمية وذكر المهر سنة إذاً يجوز ألا يذكر.
والدليل على هذا قوله تعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}، فإن مفهوم الآية أنه: يجوز أن يطلق قبل أن يفرض لها فريضة، يعني قبل أن يسمي ويذكر المهر في العقد.
الدليل الثاني: ما أخرجه أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلاً ولم يذكر مهراً، فيجوز أن الإنسان يعقد العقد ولا يذكر المهر مطلقاً، ويؤجل الكلام عن المهر إلى ما بعد الدخول ولا حرج في هذا بدلالة القرآن والسنة.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وتسميته في العقد من أربعمائة درهم إلى خمسمائة درهم)
يعني ويسن أن يتراوح المهر بين الأربعمائة والخمسمائة درهم.
الدليل على هذا أن صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة، وصداق نسائه خمسمائة درهم صلى الله عليه وسلم.