أما الدليل على صداق البنات رضي الله عنهن وأرضاهن فهو أثر عمر السابق فإنه قال وأخبر أن صداق النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه وبناته هذا المقدار وهو اثنتي عشرة أوقية والأوقية أربعين درهم.
والدليل الثاني أن علي بن أبي طالب لما عقد على فاطمة رضي الله عنها وأرضاها أراد أن يدخل عليها فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أعطها شيئاً فقال: لا أملك شيئاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين درعك رضي الله عنه وأرضاه فأعطاه الدرع، درع من حديد وقدره في بعض الروايات بأنها بأربعمائة درهم، هذه الرواية لم أقف على إسنادها التي فيها التقدير أن الدرع قيمته أربعمائة درهم لم أقف على إسنادها، لكن مع أثر عمر ربما يقبل أنه هذا المقدار، أما أن صداق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ثابت من حديث عائشة قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصدق نسائه اثنتا عشرة أوقية ونشاً قيل: ما النش؟ قالت: النش نصف أوقية" وكما قلت الأوقية أربعون درهم يكون المجموع خمسمائة درهم.
من الظاهر أن بين أثر عمر وحديث عائشة شيء من الاختلاف، لأن عمر يخبر أنها اثني عشر أوقية، وعائشة تخبر أنها اثنتي عشرة أوقية ونصف، والجواب عن هذا الاختلاف من وجهين:
الأول: أن يكون الصواب مع عائشة ويكون ما ذكره عمر رضي الله عنه مخالف للواقع، وسبب الترجيح أن حديث عائشة صحيح وهي أخبر بصداق نسائه من عمر.
الجواب الثاني: وهو الصحيح أو وهو إن شاء الله الأقرب أن عمر أراد أن يخبر على سبيل الإجمال، ولم يرد أن يحدد بدقة وإنما أراد أن يخبر إخباراً مجملاً، وإلا فهو يعرف مقدار الصداق، وهذا الجواب الثاني أحسن إن شاء الله، إذاً عرفنا الآن ما هو مستند الحنابلة في تحرير المهر بين هذين المقدارين.