نرجع، يقول الشيخ رحمه الله تعالى:(وإن أصدقها تعليم قرآن لم يصح)، لا يصح عند الحنابلة أن يكون العوض هو تعليم القرآن، والتعليل ظاهر لما تقدم معنا في كتاب البيوع، أنه لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ونحن نقول أن كل ما صح عوضاً في الأجرة والبيع صح مهراً، وهذا لا يصح عوضاً في الأجرة، فلا يصح مهراً في الحقيقة، مسألة تعليم القرآن داخلة في عموم عبارته السابقة، يعني لو لم يذكرها لأمكن طالب العلم أن يعرفها من خلال القاعدة، لأنه لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن عند الحنابلة إنما نص عليه الشيخ لأن فيها نصاً من السنة، ولقوة الخلاف فيها، إذاً عرفنا الآن مذهب الحنابلة أنه لا يجوز أن يكون تعليم القرآن مهراً.
واستدلوا على هذا بأنه ليس مما يجوز أخذ الأجرة عليه.
الدليل الثاني: أن تعليم القرآن ليس مالاً.
القول الثاني: أنه يجوز أن يكون تعليم القرآن مهراً، واستدل الحنابلة على هذا بحديث الواهبة، فإن الواهبة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم لما لم يرد أن ينكحها أنكحها رجلاً، ولم يكن مع الرجل أي نوع من الأموال النقدية، لا الحاضرة ولا الغائبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" هل معك شيء من القرآن؟ فقال: نعم، فقال: أنكحتكها بما معك من القرآن، أو زوجتكها بما معك من القرآن".
فالباء في هذا الحديث باء المعاوضة فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل عوض البضع تعليم القرآن، وهو نص في المسألة.