من الأشياء التي تستغرب على المؤلف رحمه الله أنه لم يذكر الأمور التي يستقر بها المهر، مقررات المهر مع أنه من أهم مباحث الصداق لم يذكره الشيخ، وهذا غريب في الحقيقة، والسبب في ذلك أن الأصل وهو المقنع لم يذكر مقررات المهر، أما غيرهم من الحنابلة وغيرهم من الشافعية والمالكية وسائر أهل العلم فإنه في الحقيقة يعتنون عناية خاصة بمقررات المهر، لأنها مهمة من حيث ثبوت المهر، وللخلاف القوي في بعضها، ولشدة حاجة الناس إليها، في الحقيقة أنا استغربت من الشيخ أنه ترك مقررات المهر، مع أنه ذكرها في كتابه الإقناع وذكرها في كتبه الأخرى، وذكرها الشيخ ابن قدامة في غير الأصل في غير المقنع، لكن على كل حال الأصل والمختصر الزاد لم يذكرا مقررات المهر.
نقول مقررات المهر أربعة:
الأول: يتقرر ويستقر المهر، ومعنى يتقرر ويستقر: أي لا يسقط مهما كان السبب بعد ذلك، يتقرر أولاً بالموت فإذا مات الزوج أو ماتت الزوجة حتف أنفها أو انتحرت أو حتف أنفه أو انتحر أو مات بأي سبب من الأسباب فإن المهر يستقر ويثبت للمرأة، واستدل الجماهير على هذا الحكم بأمرين:
الأول: حكي إجماعاً.
الثاني: حديث ابن مسعود رضي الله عنه فإن رجلاً تزوج امرأة ولم يسمي لها مهراً فسئل ابن مسعود فقال: لها مهر نسائها لا نقص ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث، فأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم في بروة بنت واشق بنفس هذا الحكم الذي حكمه ابن مسعود، فإذاً الموت من مقررات المهر ولا إشكال.
الثاني: الوطء، والوطء أيضاً من مقررات المهر بالإجماع، بل هو المقرر الأول في الحقيقة للمهر، والدليل على أن الوطء من مقررات المهر من وجهين:
الأول: الآية وهي قوله تعالى: {ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}، فنصت الآية أنه لا يتقرر المهر إلا بالمس، والمس في الآية هو الوطء.