الثالث من مقررات المهر: الخلوة، والمقصود بالخلوة يعني المجردة ولو بلا وطء، فإذا خلا الزوج بزوجته وانفردا فإنه يجب بذلك المهر، سواء وطء وجامع أو لم يجامع، ويستثنى من هذا إذا منعت المرأة زوجها من الوطء، أو كان ممن لا يطأ مثله، ففي هاتين الصورتين لا تكون الخلوة مقررة للمهر، فيما عدا هاتين الصورتين الخلوة مقررة للمهر، ولو خلا بها وهي حائض يعني لا يستطيع أن ينكحها، ولو خلا بها وهي محرمة، يعني ولو وجدت موانع حسية أو شرعية، والدليل على أن الخلوة من مقررات المهر من وجهين:
الوجه الأول: وهو الأصل عليه الاعتماد، أنه روي عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم أن من أغلق باباً أو أرخى ستراً فقد وجب المهر، فجعلوا مناط استقرار المهر على الخلوة، وهذه الآثار التي رويت عن الصحابة رضي الله عنهم هي العمدة في باب ثبوت واستقرار المهر بمجرد الخلوة.
الدليل الثاني: أن المرأة بتسليم نفسها للزوج أثناء الخلوة أدت ما عليها من التمكين فاستحقت بذلك المهر.
والقول الثاني: أن الخلوة لا توجب المهر إذا خليت عن الوطء، لأن الآية صرحت باشتراط المس {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}، والمس هو الجماع، والراجح القول الأول لورود الآثار الصحيحة عن الصحابة بل عن الخلفاء.
المقرر الرابع والأخير: المباشرة أو أن يستحل منها ما لا يستحله إلا الزوج، هذا المقرر الرابع على شقين: الشق الأول: أن يباشر أو يقبل أو يمسك أو يلمس كما قال الفقهاء، ولو بلا خلوة، جعلوا هذا المباشرة وما يلحق بها من مقررات المهر، واستدلوا على هذا بأن هذا من جملة الاستمتاع فيقاس على الوطء.
الشق الثاني للمقرر الرابع: أن يستحل منها ما لا يستحل غيره، كأن يراها عريانة، فإن رؤية الرجل للمرأة عريانة ليست من المباشرة، إلا أنها مما لا يستحله إلا الزوج.