والجواب على استدلال المالكية، أن الإحسان لا يتنافى مع الوجوب، فقد يكون الشيء إحساناً وهو واجب، لاسيما والآية أمرت أمراً صريحاً {فمتعوهن} وقال الله تعالى في آخرها: {حقاً} والحق يطلق على الواجب.
وأما القول الأخير فهو قياس مع الفارق، إذ كيف نقيس المفوضة على التي لها مهر مسمى، ثم هذا القياس والاستحسان قياس في مقابل النص الصريح وهي الآية، فالراجح إن شاء الله تعالى مذهب الجمهور.
ثم لما قرر المؤلف وجوب المتعة انتقل إلى بيان المقدار.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(بقدر يسر زوجها وعسره)
أفادنا بهذه العبارة أن المتعة مقدرة بحال الزوج لا بحال الزوجة، واستدلوا على هذا بصريح الآية: {على الموسع قدرة وعلى المقتر قدرة}، يعني على الزوج.
والقول الثاني: أنها مقدرة بحال المرأة، واستدل أصحاب هذا القول: بأن المهر مقدر بحال المرأة، ولهذا نحن نقول مهر المثل، يعني مهر مثل الزوجة، فإذا كان المهر مقدراً بالمرأة، فكذلك المتعة، وهو قول ضعيف. والراجح إن شاء الله القول الأول، لصراحة الآية باعتبار حال الزوج لا حال الزوجة، ومما يتفرع على هذه المسألة مسألة أخرى: وهي مقدار المتعة، ذهب الحنابلة إلى أن مقدار المتعة يقدر بأعلاه وأدناه، فأعلاه خادم، وأدناه سترة تصلح لصلاة المرأة فيها، هذا أعلاه وأدناه.
والقول الثاني: أن المتعة لا تتقدر، وإنما يرجع في تقديرها عند التنازع إلى الحاكم، لأنه واجب لم يقدر في الشرع، فرجعنا فيه إلى اجتهاد الحاكم، والراجح القول الثاني: أنه لا يتقدر بقدر معين، وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم، وهذا كما قلت إذا وقع النزاع بين الزوجة والزوج.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ويستقر مهر المثل بالدخول)
إذا دخل على المفوضة استقر مهر المثل، ومقصود الشيخ بقوله بالدخول، يعني بكل مقررات المهر، وإنما ذكر الدخول لأنه أكثر مقررات المهر وقوعاً.
والدليل على ذلك: القياس على المهر المسمى، ففي المهر المسمى يستقر هذا المهر بالدخول، فكذلك بالنسبة للمفوضة وهذا لا إشكال فيه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وإن طلقها بعده فلا متعة)