انتهى الشيخ الآن من الكلام عن المفوضة، وانتقل إلى الكلام عن النكاح الفاسد، وما يشبه النكاح الفاسد.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(وإذا افترقا في الفاسد)
استعمل المؤلف كلمة افترقا ليشمل الطلاق والفسخ، والنكاح على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: النكاح الصحيح وتقدم معنا.
النوع الثاني: النكاح الفاسد وهو الذي نتحدث عنه
النوع الثالث: النكاح الباطل
ففرق العلماء بين النكاح الفاسد والنكاح الباطل، فالنكاح الفاسد هو النكاح المختلف في صحته، وهذا ظاهر كلام الفقهاء، سواء كان الخلاف قوي أو ضعيف، ما دام مختلف فيه اختلاف معتبر فهو فاسد، ولو كان أحد القولين شديد الضعف عند الآخر، ومثاله أن يتزوج بلا شهود أو بلا مهر أو بلا ولي فهذه من أمثلته.
النوع الثاني: النكاح الباطل وهو النكاح المتفق على بطلانه، ومن أبرز أمثلته أن يتزوج من لا تحل له، كأن يتزوج أخته من الرضاع أو خالته أو عمته إلى آخره فهذا نكاح باطل بإجماع المسلمين.
الهدف أو الفائدة من التفريق بين النكاح الفاسد والباطل: هو أنه في النكاح الفاسد يجب على الزوج وجوباً أن يطلق أو يفسخ، وجوباً عند الجماهير، ولو كان الزوج أو الزوجة أو الولي يرون أن النكاح فاسد، يجب عليه مع ذلك أن يطلق أو يفسخ، والدليل على ذلك: أن هذا النكاح الفاسد ربما رأى الزوج أنه صحيح ورأت الزوجة أنه فاسد، فتذهب الزوجة بلا طلاق وترى بأنها ليست زوجة للأول، والأول يبق يرى أنه زوجها، ثم تتزوج بآخر ويكون للمرأة زوجان، فلأجل عدم وقوع هذا المحذور الكبير أوجب الجمهور أن يقوم الزوج بالطلاق أو الفسخ.
القول الثاني: للشافعي قال: إذا ثبت أن النكاح فاسد فإنه لا يجب على الزوج لا أن يطلق ولا أن يفسخ، واستدل على هذا: بأن هذا العقد الفاسد لم ينعقد أصلاً حتى نوجب عليه أن يفسخه أو أن يطلق، والراجح مذهب الجمهور وبناءً، على هذا الراجح نقول إذا لم يطلق الزوج ولم يفسخ وجب على الحاكم أن يقوم بالتفريق بينهما بالفسخ أو الطلاق، حتى لا يدخل الاشتباه في وجود زوج آخر.