القول الثاني: أن عليه مهر المثل لا المسمى، واستدل هؤلاء بذات الحديث فقالوا النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" فلها المهر بما استحل من فرجها" فجعل النبي صلى الله عليه وسلم سبب المهر هو استحلال الفرج لا العقد، والواجب بالوطء هو مهر المثل لا المسمى، والنبي صلى الله عليه وسلم علق المهر على الوطء لا على العقد، وهذا القول اختاره ابن قدامة وهو الصحيح إن شاء الله، إذ كيف نرتب على العقد الفاسد المسمى في ترتيب مهر المسمى على العقد الفاسد تصحيح للعقد الفاسد، ونحن نرى أنه فاسد يعني لم ينعقد أصلاً، ولهذا إن شاء الله الراجح هو هذا القول وهو انه مهر المثل.
المسألة الثانية: التي أشار إليها الماتن الخلوة، فالخلوة تقرر المهر المسمى عند الحنابلة، واستدلوا على هذا بالقياس على النكاح الصحيح، قالوا كما أن الخلوة تقرر المهر المسمى النكاح الصحيح، فكذلك في النكاح الفاسد، بجامع أن في كل منهما وطء ودخول.
القول الثاني: أن الخلوة لا توجب على الزوج شيئاً، واستدلوا بأنه في حديث عائشة جعل النبي صلى الله عليه وسلم سبب المهر الوطء وهنا لا يوجد وطء، بناءً على هذا إذا تزوج رجل امرأة بلا ولي وخلا بها بلا وطء جلس معها ليلة الزفاف خلوة كاملة بلا وطء ولم يمسها إلى الصبح فإنه إذا جاء الصبح وأُخبر أن العقد فاسد فأنهما يفترقان ولا يترتب على هذا شيء، بينما عند الحنابلة يترتب المسمى، وهذا فرق كبير جداً بين أن يترتب المسمى وبين ألا يترتب شيء، والراجح إن شاء الله أنه لا يترتب شيء لما تقدم من حديث عائشة وهو أصل في هذا الباب.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ويجب مهر المثل لمن وطئت .. )
بدأ الكلام عما يشبه النكاح الفاسد وليس بنكاح فاسد، فإذا وطء الإنسان امرأة وطء شبهة فإنه يجب عليه أن يدفع مهر مثلها كاملاً، والدليل على هذا من وجهين:
الأول: الإجماع فإنه حكي الإجماع على هذه المسألة وهي وجوب مهر المثل في وطء الشبهة.
الثاني: عموم حديث عائشة فإنها تقول فلها المهر بما استحل من فرجها، فجعلت المهر بسبب استحلال الفرج وهذا استحل الفرج.