بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
تقدم معنا بالأمس الكلام عن وجوب إجابة الدعوة، ثم كنا شرعنا في الشروط التي تشترط للوجوب، وذكرنا الشرط الأول وهو في أول مرة، وانتهينا من الكلام عنه، ثم ننتقل إلى الشرط الثاني:
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(إجابة مسلم)
يشترط لوجوب إجابة دعوة وليمة العرس أن يكون الداعي مسلم، واستدلوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"حق المسلم على المسلم خمس ثم قال وإذا دعاك فأجب"، وهذا الحديث في صحيح مسلم، وقد جعل إجابة الدعوة من حقوق المسلم على المسلم، فغير المسلم ليس له هذا الحق، وهذا صحيح، ويؤيد هذا الحديث أن المقصود أصلاً من إجابة الدعوة ما يحصل من التقارب والتآخي والموالاة وهو منفي في حق الكافر.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(يحرم هجره)
يشترط لوجوب إجابة الدعوة أن يكون الداعي ممن يحرم هجره، فإن كان الداعي ممن لا يحرم هجره فإن إجابة الدعوة لا تجب، لأن المطلوب فيمن لا يحرم هجره أن يهجر ويبتعد عنه، كالمبتدع والفاسق والمجاهر بالمعاصي والداعي إلى الفسق والخنى والفجور ونحوهم، فهؤلاء لا تجب إجابة الدعوة بالنسبة لهم، لكن هل يجوز أو يكره أو يحرم؟ يختلف حسب حال هذا الداعي، إن كان في إجابة الدعوة مصلحة وبيان الحق له وللحاضرين يعني للداعي وللحاضرين صارت الإجابة مستحبة، وإن كان ذهاب هذا الشخص إلى المبتدع يؤدي إلى افتتان المبتدع وظن أنه على حق أو على شيء فالذهاب حينئذ يدور بين الكراهة والتحريم، أما الوجوب فلا يجب مطلقاً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(يحرم هجره إليها إن عينه)
هذا هو الشرط الرابع، الشرط الأول في أول مرة، والثاني أن يكون مسلماً، والثالث أن يحرم هجره، وهذا الشرط الرابع أن يخصه بالدعوة، أن يعينه أثناء الدعوة، استدل الحنابلة على أن هذا من الشروط بأن الداعي إذا عين شخصاً ولم يجب حصل له انكسار ووحشة من هذا الذي لم يجبه، وهذا الأمر لا يوجد فيما إذا لم يعينه وإنما دعاه دعوة عامة يدخل فيها هو وغيره، بهذا استدل الحنابلة يعني بتعليل.
والقول الثاني: أنه إذا لم يعينه فإنه يجب لعموم إذا دعاك فأجب.
والقول الثالث: أنه يكره وهو الذي سيذكره المؤلف في آخر الباب.