للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الرابع: أنه مباح، وهذا القول الأخير هو الصحيح، أو نقول أنه مستحب، إما مباح أو مستحب، أما القول بأنه مكروه أو واجب فهو ضعيف، ويمكن أن يستأنس بالقول بعدم الوجوب بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا دعاك"، فإن هذا القول يشعر بتخصيص الإنسان بالدعوة لا بتعميمه، فربما نستأنس بهذا اللفظ مع التعليل الذي ذكره الحنابلة.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(ولم يكن ثم منكراً)

هذا هو الخامس ألا يوجد منكر، يشترط للوجوب خلو مكان الزواج من المنكرات، والمؤلف قريباً سيفصل تفصيل دقيق في قضية وجود المنكر في الدعوة، ولهذا نؤجله إلى كلامه الآتي قريباً إن شاء الله، إنما هو يشترط الوجوب ألا يكون في الدعوة منكر.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(فإن دعا الجفلى)

لما ذكر الشيخ الشروط ذكر محترزات الشروط في الحقيقة، الأول أن يدعوه دعوة الجفلى، ودعوة الجفلى هي أن يدعو دعوة عامة ليس فيها تخصيص، حينئذ لا يجب إجابة دعوته، بل يكره عند الحنابلة كما ترون على ما ذكره المؤلف، واستدل الحنابلة على الكراهة بأن في إجابة الدعوة إذا كانت على سبيل التعميم دناءة وحرص على حضور الولائم مما يستدعي أن تكون الإجابة مكروهة.

والقول الثاني: أن الإجابة مباحة أو مسنونة، واستدل هؤلاء بأن "النبي صلى الله عليه وسلم صنع وليمة وأرسل أنس وقال ادعوا لي فلاناً وفلاناً ومن لقيت" فقوله ومن لقيت هذا هو تماماً هو دعوة الجفلى أي الدعوة عامة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليدعوا الناس دعوة مكروهة، وهذا القول لاشك أنه هو الصواب، والحكم عليها بأنها مكروهة غريب، غاية ما هنالك أنها ليست بواجبة وتصبح بعد ذلك تدور بين الإباحة والندب، وهي إلى الندب والاستحباب أقرب بلا شك.

الثاني من المحترزات قوله ـ رحمه الله ـ:

(أو في اليوم الثالث)

إجابة الدعوة في اليوم الثالث مكروهة للحديث، لأنه في الحديث الذي مر معنا أمس أنه جعل إجابة الدعوة في اليوم الأول حق وفي اليوم الثاني معروف وفي اليوم الثالث رياء وسمعة، وإذا كانت إجابة الدعوة من باب الرياء والسمعة فهي مكروهة، والواقع أن الاستدلال بهذا الحديث محل نظر من وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>