للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني إذا لم يعلم به قبل أن يأتي مكان الدعوة ثم لما حضر وجد المنكر فإنه يسعى في إزالته فوراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"، ولذلك نحن نقول أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل سلطة المنكِر ثلاث اليد واللسان والقلب، لكن ينبغي أن يعلم أن تغيير المنكر باليد ليس على إطلاقه، فلا يجوز للإنسان أن يغير المنكر بيده إذا كان يترتب على تغيير المنكر باليد منكر أكبر منه، لأن الأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو إذهاب المفاسد وتقليلها وتحصيل مصالح وتكميلها، فإذا كان إذهاب المنكر سيأتي بمنكر أكبر منه صار محرماً، وحينئذ ينتقل الإنسان إلى الثاني وهو التغيير باللسان، أما إذا لم يترتب على التغيير باليد ما هو أسوء منه وأكثر ضرراً ونكارة فإنه يغير بيده، كما أن التغيير باليد لا يتناول ما هو من صلاحيات ولي الأمر، مثل إقامة الحدود ونحوها مثل هذه الأشياء التي تناط بولي الأمر لا تدخل في هذا الحديث العام، فيما عدا هذين الأمرين وهو أن لا يترتب منكر أكبر ومفسدة أكبر أو أن تكون من اختصاصات ولي الأمر فإن الحديث يستعمل، فمثلاً إذا كان يوجد أداة موسيقى واستطاع أن يغلق هذه الأداة بدون وجود مفاسد فإنه يغلق هذا الشيء الذي يصدر الموسيقى، لأن هذا يدخل في الحديث، فمثل هذا على سبيل التمثيل، وإلا المنكرات كثيرة وإنما مثلت به لأنه غالب ما يكون من المنكرات، أما إذا ترتب على إغلاق هذا الجهاز مفاسد أخرى وأضرار أكبر من الموسيقى، فإنه لا شك أنه ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي التوجيه باللسان، المقصود الآن أنه إذا حضر مكان الوليمة ثم علم به سعى في إزالته.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(فإن دام لعجزه عنه انصرف)

<<  <  ج: ص:  >  >>