للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: إذا أخذه فإنه له على الخلاف السابق في كون الأخذ مكروه أو محرم، وهذا أمر واضح، لكن يقول أو وقع في حجره، إذا وقع في حجره فالأقرب والله أعلم أنه له بلا كراهة، وهذا مذهب الحنابلة، لأنه لم ينتهب معهم، ولأنه جاءه المال من غير سعي، ويستوي في هذا ما إذا أعد حجره لالتقاط المنثور وما إذا وقع فيه من غير إعداد، والسبب في هذا أن صاحب المال بذل ماله لمن يقع في يده، وقد وقع المال في حجره فهو له، من وجهة نظري أن هذا صحيح، فهو له وبلا كراهة، لأنه لم يسعى في تحصيله ولم يدخل في صورة الانتهاك المنهي عنها، بدليل أنه بقي جالساً حتى جاء الشيء ووقع في حجره.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(ويسن إعلان النكاح)

إعلان النكاح مسنون بلا نزاع، وتقدم معنا أن بعض الفقهاء يرفعه من درجة السنية إلى الوجوب، وبعض الفقهاء يرفعه إلى درجة أنه شرط من شروط صحة النكاح، تقدم هذا معنا عند الكلام عن شروط النكاح، واستدلوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت فأعلنوا النكاح" وهذا الحديث أيضاً يصححه المتأخرون، وهو دليل ظاهر على أن نكاح السر يقرب بالعقد إلى السفاح، لقوله فصل مابين الحلال والحرام، وقوله الدف والصوت أخذ منه الفقهاء أن المقصود بالصوت إعلان النكاح، وعلى كل حال هذا الحديث كما قلت لكم يصححه المتأخرون، ولو لم يصححه المتأخرون فالقواعد العامة تدل على استحباب نشر وإظهار النكاح، كما كان المهاجرون والأنصار يصنعون بإعلانه والنشيد فيه إلى آخره.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(والدف للنساء)

في هذه العبارة مسائل:

المسألة الأولى: الدف هو الإطار المغطى بالجلد من جهة واحده.

المسألة الثانية: أن الدف في النكاح مباح بالإجماع، وذهب كثير من الفقهاء ومنهم الحنابلة إلى أنه مستحب، في درجة أعلى من الإباحة، أما الإباحة فهي محل إجماع.

المسألة الثالثة: أن الاستحباب والندب يتعلق بالنساء، وهو مذهب الحنابلة واختاره شيخ الإسلام وذكره في أكثر من موضع واستدل هؤلاء بأمرين:

الأمر الأول: أنه لم يرو ولم ينقل عن أحد من السلف أنه ضرب بالدف، وإنما اقتصروا فيه على النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>