للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أن في إتباع هذه الطريقة تعويد للمسلم على سفاسف الأمور وشح النفس وبعداً عن ما يرتفع به الإنسان معالي الأمور، لا شك أن التعليل الذي ذكروه لا يؤدي إلى التحريم، لكن مما يؤيد أو يقوي التحريم النص وهو النهي، وهذا القول الذي هو التحريم مال إليه شيخ الإسلام رحمه الله، بقينا في الجواب عن أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الناس أن يأخذوا من لحم الهدي، أجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن اللحم أكثر من الناس، فإذا كان اللحم أكثر من الناس لن يكون هناك انتهاب، لأن كل واحد سيأخذ نصيبه، وفي الحقيقة الجواب فيه ضعف، من أين لهم أن اللحم أكثر من الناس؟ بل الواقع أنه غالباً في ذلك الوقت سيكون الناس أكثر من اللحم بسبب الفقر، لاسيما وأن الحديث الذي فيه أنه أباحهم، فيه أن المذبوح كان ست أو سبع من البدن، وهذا العدد قد لا يكفي كل الموجودين في مكة لاسيما إن كان زمن حج، لذلك نقول الأقرب أنه مكروه ولا ينبغي أبداً أن يصنع مثل هذا الصنع، وفي الحقيقة ليس من شيم أهل المروءات، ولهذا لما نضج حسن بن أحمد بن حنبل قال أبوه الإمام أحمد لحُسُن (حُسُن هذه التي اشتراها الإمام أحمد بعد موت أم عبد الله زوجته وجاءت له بحسن) فقال الإمام أحمد: دخل عليهم لما أرادوا أن يفرحوا بالطفل وقال: لا تنثروا، نهاهم أشد النهي، قالت حُسُن فقال لي مولاي لا تنثروا، وفي هذا أنه ينبغي للعالم أن يعمل بعلمه، فهذا الإمام أحمد مع كونه فرح بهذا الطفل مع ذلك نهاهم عن هذا العمل الذي هو النثار.

قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:

(ومن أخذه أو وقع في حجره)

<<  <  ج: ص:  >  >>