واستدلوا على هذا بالحديث المتقدم أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (ذكر أنّ المرأة إذا دعاها زوجها إلى فراشه ولم تأتي وبات وهو غضبان عليها لعنتها الملائكة إلى تصبح). وكذلك في الحديث الحسن إن شاء الله أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (قال إذا دعى أحدكم زوجته فلتجب ولو كانت على تنور) مع أنّ ترك التنور في هذه الحالة يؤدي إلى فساد المال وفساد المال منهي عنه ومع ذلك أباح لها الشارع أن تترك الخبز الذي في التنور أو أي طعام كان ولو أدى ذلك إلى فساده, وهذا من الأدلة الواضحة على الوجوب, كذلك جاء في الحديث أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (أمر الزوجة أن تجب زوجها ولو كانت على ظهر جمل)، ففي حديث التنور من جهة الزمان وفي حديث الجمل من جهة المكان, إذا يجب على الزوجة أن تستجيب لرغبة الزوج في كل الظروف والأماكن والكيفيات, إلاّ التي استثناها الشارع كما سينص عليه المؤلف.
أفادنا المؤلف بعموم عبارته, أنّ للزوج أن يستمتع من زوجته بالجماع ولو تعددت المرات بلا حدّ ولا عدد, ولكن هذا الحكم والحكم السابق مشروط بشرطين:
الشرط الأول: أن لا تؤدي كثرة الجماع إلى الإضرار بالزوجة.
الشرط الثاني: أن لا يؤدي ذلك إلى تفويت الزوجة فرضاً من فروض الله.
بشرط أن لا يضرها ولم يفوتها فرضاً من الفروض، فإنّ له أن يجامع عدد المرات التي يشاء بلا حدّ، واستنبط الحنابلة هذا الحكم من النصوص العامة, فإنّ النصوص عامة متى دعاها دخلت في الحديث ولو كثرت هذه المرات.
وأما الشرطان اللذان ذكرهما المؤلف, وهو عدم الإضرار وأن لا تفوّت فرضاً, فدليلهما واضح.
فالدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم - (لا ضرر ولا ضرار)
والدليل الثاني: أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
القول الثاني: يتعلق بمسألة عدد المرات التي للزوج أن يجامع فيها الزوجة، القول الثاني أنّ الزوج إذا جامع بكثرة فإنّ للزوجة أن تصالحه عن عدد الجماع بما يتفق عليه, فلها أن تقول لك في اليوم كذا مرة والزائد تدفع مقابله عوضاً, فيكون صلح عن بعض عدد الجماع. الدليل استدلوا بدليلين: