القول الثاني: أنه لا يصح الطلاق وهو عبث , لأنّ المطلق لا يرى أنّ النكاح انعقد أصلاً فكيف يطلق , والأقرب أنّ الطلاق يقع لمجموع الدليلين. وخروجاً من الخلاف وبقاء المرأة مترددة بين بقاءها في عصمة الأول وصحة زواجها من الثاني. الأقرب إن شاء الله وقوع الطلاق وهو الأحوط , فنقول للزوج الذي تزوّج بغير وليّ طَلِّق , فإن قال أنا أرى أنّ النكاح لم ينعقد سأمضي وتمضي هي , نقول لا طَلِّق , ولو أنّ الحاكم ألزمه لكان وجيهاً , لأنه بهذا تنضبط الأمور ولا تبقى المرأة معلقة.
قوله (ويقع الطلاق في نكاح مختلف فيه) يعني وأما النكاح الباطل فإنه لايقع طلاقه, وهذا لا إشكال فيه , وإن كان روي عن الإمام أحمد - رحمه الله - أنّ النكاح الباطل أيضاً يقع طلاقه , لكن الصحيح أنّ النكاح الباطل لا يقع طلاقه لأنّ النكاح الباطل لا قيمة له شرعاً مطلقاً. مثل أن يتزوّج الإنسان أحد محارمه , فهنا لا نقول طلق وليس للطلاق أي قيمة ولا عبرة.
قال - رحمه الله - (ومن الغضبان)
هذه المسألة تعتبر من أمهات مسائل كتاب الطلاق حقيقة , والحاجة إليها كثيرة جداً طلاق الغضبان عند الحنابلة يقع , وهو مذهب الجماهير. واستدلوا على هذا بأدلة:
- الدليل الأول: أنّ الغضبان رجل مكلف عاقل يتصور ما يقول فيقع طلاقه.
- الثاني: أنّ في قصة المظاهر الذي ظاهر من زوجته في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض ألفاظه , فغضب منها وظاهر واعتد النبي - صلى الله عليه وسلم - بظهاره وإن كان غضباناً والظهار كالطلاق.
القول الثاني: تقسيم ذكره وتبناه شيخ الإسلام ابن تيمية وأخذه عنه ابن القيم في إغاثة اللهفان الصغرى , وأظن أنّ هذا التقسيم أول من قاله شيخ الإسلام. وهو كالتالي يقول ينقسم الغضبان إلى ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: أن يكون في بداياته وأوائله بحيث يتصور ما يقول ويعني فهذا لا خلاف في وقوع طلاقه.