- القسم الثاني: أن يكون في أواخر الغضب بحيث انغلق عليه القصد ولم يعد يتصور ما يقول فهذا يقول ابن القيم عبارته {لا ينبغي أن يكون فيه خلاف} وهذان القسمان أمرهما واضح. لأنّ الغضبان الذي في نهاية الغضب حكمه حكم المجنون والمغمى عليه. بل كثيراً ما يغمى عليه فعلاً من شدة الغضب.
- القسم الثالث: من تعدى بداياته ولم يصل إلى نهاياته , فهذا محل الخلاف , ذكر الشيخ ابن القيم وكتابه إغاثة اللهفان لعدم وقوع طلاق الغضبان. أطال في هذه المسألة جداً. ذكر أدلة: أنا أقسّم أدلة الشيخ إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: نصوص
القسم الثاني: قواعد شرعية عامة
القسم الثالث: تعليلات فقهية
نبدأ بالقسم الأول: استدل بحديثين.
الحديث الأول (لا طلاق في إغلاق) وذكر أنّ السلف فسروا الإغلاق بالغضب لأنه مع الغضب ينغلق عليه مقصود الكلام ويخرج بلا إرادة.
الدليل الثاني: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يقضي القاضي وهو غضبان)
وجه الاستدلال أنّ الشارع إنما منع القاضي من
الحكم أثناء الغضب , لأنّ الغضب يمنع تصور ما يقول وينغلق عليه فهمه , وهذا ما يقع في الغضبان.
لم أرى الشيخ استدل بنصوص إلاّ بهذين النصين.
القسم الثاني والثالث: القواعد والتعليلات , هذه القواعد والتعليلات مجموعة من الأدلة يلتمس فيها الشيخ عدم وقوع الطلاق.
ومن وجهة نظري أنّ هذه التعليلات والقواعد ضعيفة.
السبب الأول: تأملت هذه القواعد والتعليلات كثيراً فوجدت أنّ هذه التعليلات والقواعد تشترك بين القسم الثاني والثالث تستطيع أن تنزلها على القسم المتفق عليه وتستطيع أن تنزلها على القسم المختلف فيه. لم تتمحض للقسم المختلف فيه. ولا يجد الإنسان فيها بغيته من القول بعدم وقوع طلاق الغضبان.
السبب الثاني: في الضعف أنّ هذه التعليلات مصادمة لفتاوى الصحابة. فقد صح عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه يوقع طلاق الغضبان. وصح عن عائشة - رضي الله عنها - أنها ترى انعقاد يمين الغضبان. واليمين كالطلاق عقد , إذا انعقدت من الغضبان فكذلك في الطلاق.
الأمر الثالث: الذي بسببه أرى أنّ التعليلات ليست بقوية. أنه انعقد الإجماع على وقوع طلاق الغضبان.