القول الثاني: أنّ الطلاق الثلاث لا يقع وإلى هذا ذهب بعض الحنابلة وبعض المالكية وطاووس تلميذ ابن عباس وابن عباس - رضي الله عنه - والظاهرية ونصره شيخ الإسلام - رحمه الله - ابن تيمية ونصره شيخ الإسلام ابن القيم - رحمه الله - واستدلوا بأدلة:
الدليل الأول: حديث ابن عباس في صحيح مسلم أنه قال كان الطلاق في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر الطلاق الثلاث واحدة. هذا الحديث في صحيح مسلم. أجاب عنه الجمهور بأجوبة
الجواب الأول: أنه منسوخ. بالأحاديث السابقة وهذا الجواب هو أضعف الأجوبة. إذا كيف يستمر العمل
على حديث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر وهو منسوخ. هذا لا يستقم مطلقاً
الجواب الثاني: أنّ هذا الحديث ضعيف. ودلّ على ضعفه أمران:
الأول: أنه صح عن ابن عباس أنه أفتى بخلافه
الثاني: أنه روى تلاميذ ابن عباس خلاف هذا - رضي الله عنه - وهذا الجواب أيضاً ضعيف لأنّ القاعدة التي اتفق عليها العلماء أنّ العبرة بما روى لا بما رأى وربما وهو احتمال كبير جداً , أنّ ابن عباس أخذ بفتوى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فإن في حديث ابن عباس السابق لما قالوا سنتين من خلافة عمر قال ابن عباس فلما رأى عمر الناس تساهلوا في أمر الطلاق. قال يعني عمر أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة , فلو أمضيناه ثم أمضاه. - رضي الله عنه - وربما ابن عباس صار يفتي بقول عمر هذا وليس بغريب لأنّ ابن عباس كثير الأخذ عن عمر بن الخطاب. إذا هذا الدليل في الحقيقة سالم لا يوجد عنه جواب صحيح.
الدليل الثاني: ما تقدم معنا أنه صح عن ابن عباس أنّ الطلاق الثلاث واحدة.
الدليل الثالث: حديث ركانة وهو أنه طلق ثلاثاً ثم ندم فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف أنه ما أراد إلاّ واحدة فحلف أنه ما أراد إلاّ واحدة فجعلها واحدة. وهذا الحديث ضعيف.
الدليل الأخير: قوله - صلى الله عليه وسلم - (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ) وليس طلاق الثلاث على أمر الله ورسوله لأنّ النصوص دلت على أنه ينبغي أن يطلق مرة واحدة في الطهر الذي لم يجامع فيه.