ولهذا الراجح إن شاء الله , أنّ الطلاق الثلاث لا يقع , بسبب هذا النص ولأنه من الواضح جداً من خلال تتبع التاريخي أنّ انتشار هذا القول بين الأئمة الأربعة كان بسبب أنّ عمر ألزم الناس وتبعه الخلفاء واشتهر العمل بالإلزام بالثلاث تأديباً للناس وإلاّ فإنّ النصوص واضحة , أنه كان الطلاق الثلاث واحدة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى الإمام أحمد لما قيل له فبما تجيب عن حديث ابن عباس لم يجب إلاّ بما ذكرنا , وهو أنه روى عنه تلاميذه خلاف هذا. وهذا لا يكفي فإنه يروى عن الإنسان أشياء كثيرة وكلها صحيحة.
والخلاصة أنه إن شاء الله القول بأنه لا يقع أقرب ومن باب التنبيه الخلاف في هذه المسألة أهون من الخلاف في مسألة الحيض التي ستأتينا الآن. تلك المسألة مشكلة جداً , أما هذه فهي أوضح منها , ويظهر لي أنّ القول بعدم الوقوع أقرب
وبهذا نكون انتهينا من الطلاق الثلاث ونتقل إلى مسألة (في حيض)
قال - رحمه الله - (وإن طلق من دخل بها في حيض , أو طهر وطء فيه , فبدعة , يقع)
أفادنا المؤلف أنّ التطليق في الحيض بدعة والتطليق في الطهر الذي أصابها فيه بدعة , وأدلة هذا تقدمت معنا أثر ابن مسعود وأثر ابن عباس في تفسير الآية وأنّ ماعدا ما ذكروه - رحمهم الله - من أنه يطلق في طهر لم يجامع يكون بدعة وهذا يتناول الطلاق في الحيض والطلاق في طهر جامعها فيه , والطلاق في الحيض محرم بالإجماع , ليس فيه خلاف كما في الطلاق الثلاث , وإنما محرم بالإجماع لكن الخلاف في وقوعه , عرفنا الآن أنّ حكم الطلاق الثلاث فيه خلاف , وحكم إيقاع الطلاق الثلاث فيه خلاف.
حكم الطلاق في الحيض محرم بالإجماع , وحكم إيقاع الطلاق في الحيض ادعي فيه الإجماع أيضاً , ومن هنا علمنا أنّ الخلاف في مسألة الحيض ليس كالخلاف في مسألة الطلاق الثلاث كما تقدم نأتي إلى وقوع الطلاق في الحيض. ذهب الأئمة الأربعة وجمهور الأمة وحكاه ابن قدامة وابن المنذر إجماع العلماء , بل ذكروا أنه لم يخالف فيه إلاّ أهل البدع والأهواء تأكيداً للإجماع. كل هؤلاء ذهبوا إلى أنّ الطلاق في زمن الحيض محرم ويقع. وهذه المسألة تدور على حديث ابن عمر جميع الاستدلالات من الطرفين في حديث ابن عمر.