استدلوا بأدلة من حديث ابن عمر. وحديث ابن عمر هو أنه - رضي الله عنه - طلق زوجته في الحيض واستفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طريق والده عمر - رضي الله عنه - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (مره فليراجعها ثم ليدعها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أن يطلق فليفعل) هذا الحديث في الصحيحين. لكن له ألفاظ كثيرة جداً كل من الذين قالوا بوقوع الطلاق وبعدمه يأخذ ببعض ألفاظه , نرجع فنقول استدل الجماهير بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (مره فليراجعها) وهذا أقوى دليل لهم , وجه الاستدلال أنّ المراجعة في الشرع هي إعادة المطلقة. واستخدام النبي - صلى الله عليه وسلم - للألفاظ يكون استخدام شرعي. فقوله (مره فليراجعها) يعني أنّ الطلاق السابق واقع.
أجاب القائلون بعدم الوقوع بأجوبة كلها ضعيفة غير واضحة ولا مقنعة , أقواها أنّ المراجعة هنا يقصد بها المعنى اللغوي , وذلك أنّ الطلاق غالباً يسبب فراق أبدان الزوجين , فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر أن يراجع يعني مراجعة الأبدان. وكأنّ الطلاق لم يقع وهذا غير مقنع في الحقيقة , ويبقى قوله (مره فليراجعها) محل إشكال.
الدليل الثاني: رواية لهذا الحديث من طريق ابن أبي ذئب أنه قال (وهي واحدة) يعني أنه في لفظ حديث ابن عمر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (مره فليراجعها وهي واحدة) وهذا نص أنها لا تكون واحدة إلاّ وقد وقعت.
والجواب على هذا الحديث. أنّ في هذه الرواية شذوذ , فإنّ الذين رووا هذا الحديث عن تلاميذ ابن عمر كلهم لم يذكر هذه اللفظة مع أهميتها وكونها فاصل في النزاع ,لو كانت موجودة لرواها الباقون. وهذا الاستدلال أمره سهل وتم الجواب عنه بالتضعيف.
الدليل الثالث: في رواية في حديث ابن عمر علقها البخاري قال (وحسبت عليه بتطليقة)
الجواب عن هذا الاستدلال أنه ليس في الروايات ما يبيّن من الذي احتسبها , هل هو ابن عمر أو عمر أو النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي بعض الروايات ما يدل على أنّ الذي احتسبها هو ابن عمر , فإنه صرح في بعض الروايات أنه هو الذي احتسبها.