الدليل الثالث: ما رواه البخاري عن ابن عباس أنه رضي الله عنه , قال (إنما الطلاق عن وطر) ومعنى عن وطر يعني عن قصد وإرادة وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله وهو أنّ الطلاق لا يقع فإذا قال أنت طالق لا يقصد أبداً الطلاق يقصد تخويفها يقصد استخدام هذا اللفظ , فإنه عند الحنابلة والجمهور يقع , ونقول بانت زوجتك أو كانت رجعية فيما يملك من عدد الطلاق. وكذلك لو هزل فقال أنت طالق أنا أمزح فعند الجمهور طلقت لأنّ الطلاق ليس فيه هزل , لكن الصحيح إن شاء الله أنها لا تطلق وكما أشرت مراراً وتكراراً , فائدة العلم أن يولد الورع وإلاّ ما فائدة العلم؟! فالآن علمت أنّ الجماهير يوقعون طلاق الهازل فمن الأشياء التي يتحتم التنبيه عليها أنّ الطلاق ليس من الأمور التي يهزل بها , وأنك لو هزلت فإن زوجتك طالق عند الأئمة الأربعة , فهو ليس أمراً سهلاً وإن كان الراجح هو القول الثاني. لكن العلم يولد الورع لا الاستخفاف , فبعض الناس العلم يولد عنده التهاون , فإذا علم أنّ القول الثاني هو الراجح تهاون فيه فصار ثمرة العلم عكسية عليه , وهذا خطأ تربوي.
* * مسألة ضرورية / ذكر بعضهم أنه من أدلة الأئمة الأربعة. أنّ الصحابة يوقعون الطلاق , صحيح توجد آثار كثيرة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - أنّ طلاق الهازل يقع. لكن لا يصح منها شيء. ليس من هذه الآثار أثر صحيح. فكلها ضعيفة. فليس عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه ما يدل على وقوع طلاق الهازل.
قال - رحمه الله - (فإن نوى بطالق من وثاق , أو في نكاح سابق منه أو من غيره , أو أراد طاهراً فغلط لم يقبل حكماً)
هذا أيضاً من أحكام الطلاق الصريح , فحكمه الأول" أنه يقع ولو بلا نية.