الثاني" أنه إذا قال طالق ثم قال نويت من وثاق أو في نكاح سابق منه أومن غيره أو أراد طاهراً فغلط , يعني أراد أن يقول أنت طاهر فقال أنت طالق , لم يقبل حكماً , معنى لم يقبل حكماً يعني لم يقبل إذا ترافعوا إلى القاضي , ومقابل قبول القول حكماً قبوله ديانة ومعنى قبوله ديانة , فيما بينه وبين الله , فإذا قال أردت أنت طاهر فقلت طالق , وأردت من وثاق فديانة يقبل يعني تعتبر هذه الزوجة في عصمته بينه وبين الله , وأما إن ارتفعوا إلى الحاكم , بأن ادعت المرأة أنه قال أنت طالق , فإنّ الحاكم لا يقبل منه زعمه أنه أراد من وثاق أو أراد أن يقول طاهر فقال طالق , استدل الحنابلة على عدم قبوله حكماً , بأنه يدعي خلاف ظاهر اللفظ. فلا يقبل منه.
القول الثاني: أنه يقبل منه حكماً لأنه يدعي شيئاً ممكناً , فقبل منه. ولعل الأقرب أنّ هذه المسائل ترجع إلى رأي القاضي , فإذا رأى أنّ هذا الزوج متلاعب وأراد أن يستحل من زوجته ما لا يحل له أو أراد أن يوقع الطلاق ويراجع لأنه يعلم أنه يملك المراجعة أو احتال على أي شيء من هذه الأشياء فإنّ يجب على القاضي أن لا يقبل منه , وإذا كان رجل متدين معروف الصدق والأمانة لم يخبر عليه كذب وزعم أنه سبق لسان منه , وقال هذه الكلمة لم يردها فإنه ينبغي أن يقيل عثرته.
قال - رحمه الله - (ولو سئل أطلقت امرأتك فقال: نعم وقع)
لو سئل أطلقت امرأتك فقال نعم وقع , وإن قال فيما بعد أنا كذبت يقع , وإن كان كذب فعلاً لماذا؟ لأنّ الصريح في الجواب كالصريح في الابتداء فعادت هذه المسألة إلى الطلاق بلا نية , لأنه هنا ليس له نية , هو لم يهزل هنا , فإن قلنا أنّ الطلاق بغير نية في الصريح يقع فهنا يقع , وإن قلنا الطلاق بغير نية إذا لم يقصد لا يقع فهنا لا يقع.
قال - رحمه الله - (أو ألك امرأة؟ فقال: لا, وأراد الكذب فلا) إذا قيل له ألك امرأة؟ فقال لا وأراد الكذب فإنه لا يقع , لماذا لأنّ غاية هذا اللفظ أن يكون كناية , والكنايات لا تقع إلاّ بنية , فإذا لم ينوي إيقاع الطلاق فهو لا يقع. مقتضى تقرير الحنابلة , أنه إذا قيل لرجل ألك امرأة ثم جلس يفكر وأراد أن يطلق فقال لا وأراد