القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد وكأنّ شيخ الإسلام يميل إليه. أنه مع عدم الحاجة يجوز في الكلام دون اليمين , واستدلوا على هذا بأنه في الكلام نقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التأويل والتعريض كثيراً , وأما في اليمين فإنّ الأحاديث تدل على ما يصدقك صاحبك أو على نية المستحلف , وهي عامة أخرجنا منها صورة ما إذا كان مظلوماً فبقيت الصور على أصل المنع وكما ترى
القول الثالث الأخير هذا وجيه وقوي وهو إن شاء الله الراجح وهو أن نقول يجوز في الكلام دون الحلف ثم سيذكر الشيخ ثلاث أمثلة
قال - رحمه الله - (فإن حلّفه ظالم ما لزيد عندك شيءٌ وله عنده وديعة بمكان فنوى غيره أو بما (الذي)
يعني جاز إذا قال له ظالم هل عند لزيد مال ,وهو ظالم فله حينئذ التأويل والتعريض , وذكر المؤلف صورتين للتعريض والتأويل.
الصورة الأولى: أن يقول ما عندي له شيء ويقصد في هذا المكان والمال في مكان آخر , فيقول ما عندي له شيء وفي نيته يعني في هذا البيت والمال في بيت آخر.
الصورة الثانية: أن يقول ما عندي له شيء ويقصد بما الموصولة للنافية , فكأنه قال الذي عندي لزيد وهو صادق الذي عنده لزيد. بينما فهم الظالم أنه ينفي وجود المال عند زيد. فهذا جائز سواء مع اليمين أو بلا يمين لأنه ظالم.
قال - رحمه الله - (أو حلف ما زيد هاهنا ونوى غير مكانه)
يعني قيل له هل زيد هنا فقال زيد ليس هاهنا , ونوى سوى المكان الذي فيه زيد.
تعرفون القصة المشهورة أنه جاء رجل يطلب المروذي في مجلس الإمام أحمد , وقال أثمّ المروذي , فقال الأثرم ليس هاهنا وأشار إلى كفه والإمام أحمد جالس فتبسم وضحك. فانصرف الرجل , فحملوا الحنابلة على أنّ هذا الرجل إما أنّ المروذي لا يريد أن يقابله أو أنه ظالم , وفي بعض كتب الحنابلة أنّ الذي قال ليس هاهنا الإمام أحمد وهذا ليس بصحيح , الذي قال ليس هاهنا هو الأثرم وليس الإمام أحمد وعلى كل حال أقرّه الإمام كان موجوداً وحملوه على وجود الحاجة وأنّ هذا ليس بحلف وإنما كلام.