ففي هذه الأنواع الثلاثة لا تحل المرأة لزوجها الأول , والسبب أنّ الله قال {فلا تحل له من بعد حتى تنكح} [آل عمران/١٨٨] والنكاح الصحيح ينصرف شرعاً إلى النكاح المستوفي الشروط الخالي من الشبهات. ولهذا أخرجنا النكاح بالشبهة أو بملك اليمين أو بالنكاح الفاسد. وهذا أمره واضح أنّ الآية اشترطت نكاحاً صحيحاً , وهذه الأشياء ليست نكاحاً صحيحاً.
قال - رحمه الله - (ولا في حيض , ونفاس , وإحرام , وصيام فرض)
يعني ولا تحل المرأة لزوجها الأول إذا كان نكاح الثاني في حيض ونفاس وإحرام أو في صيام واجب, معنى هذا أنّ الزوج الثاني إذا جامع زوجته وهي حائض فإنّ هذا الجماع لا يؤدي إلى تحليل الزوجة , واستدلوا على هذا بأنّ هذا الجماع محرم لحق الله سبحانه وتعالى, وإذا كان محرم لحق الله فإنه لا يفيد تحليل الزوجة لأنه جماع منهي عنه فكيف يكون الجماع المنهي عنه سبباً في إحلال الزوجة لمطلقها الثلاث هذا هو المذهب.
القول الثاني: في هذه المسألة أنه إذا جامعها في هذه الأحوال فإنها تحل للزوج الأول , واستدل هؤلاء بأنّ هذا الجماع جماع في نكاح صحيح فتحقق الشرطان وأما التحريم فهو لأمر خارج عن موضوع التحليل وهو أيّ الزوج الثاني آثم ولكنها تحل للزوج الأول.
وهذا قد يقع فأيُّ القولين أرجح؟ الثاني وهو اختيار ابن قدامة وهو الراجح إن شاء الله.
قال - رحمه الله - (ومن ادعت مطلقته المحرمة وقد غابت نكاح من أحلها وانقضاء عدتها منه فله نكاحها إن صدقها وأمكن)
صورة هذه المسألة أن يطلق الزوج زوجته ثلاثاً ثم تغيب عنه أو يغيب عنها , ثم يلقاها بعد ذلك فتدعي أنها في هذه الغيبة نكحت زوجاً آخر وجامعها وطلقت وانتهت العدة من الزوج الثاني , فحينئذ يجوز لهذا الزوج الأول أن يعقد على زوجته , لكن بشرطين: -
الشرط الأول: أن يصدقها. ... والشرط الثاني: أن يمكن هذا.