يقول المؤلف ويحرم قبل أن يكفر ...... الخ , نبدأ بالمسألة الأولى/ وهي الوطء يحرم على المظاهر أن يطأ زوجته حتى يكفر, وظاهر عبارة المؤلف سواء كفر بالعتق أو بالصيام أو بالإطعام , والتكفير من حيث تعلق الوطء به ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكفر بالعتق أو بالصيام فإذا كفر بالعتق أو بالصيام فإنه يحرم عليه بالإجماع أن يطأ قبل أن ينتهي من التكفير لقوله تعالى: {من قبل أن يتماسا}[المجادلة/٣]، في العتق وفي الصيام , إذا التكفير بالعتق والصيام لا إشكال فيه.
القسم الثاني: أن يكفر بالإطعام , فإذا كفّر بالإطعام فالمذهب أنه أيضاً لا يجوز له أن يطأ حتى ينتهي من الإطعام , وسيأتينا دليلهم في الجواب عن دليل القول الثاني.
القول الثاني: أنه كفّر بالإطعام فله أن يطأ مباشرة ولو قبل أن يكفّر لأنّ الله لما ذكر العتق والصيام قيّده بمن قبل أن يتماسا , ولما ذكر الإطعام لم يقيّده بأن يكون ذلك قبل التَمَاس. ودليلهم واضح.
الجواب عن هذا الاستدلال أنّ التقييد بالمساس معلوم من الآية , وإنما كرر في الصيام دون الإطعام لأنه لما كان الصيام طويل وقد يظن المكفّر أنه بسبب طول مدة التكفير لا يلزمه الامتناع عن الوطء صار من المناسب أن تقيّد الآية بعدم المماسة.
وأما الإطعام فإنه معلوم مما سبقه ووجه ذلك أنه إذا شرط في الكفارة الفاضلة عدم الوطء ففي المفضولة من باب أولى. بل ذهب شيخ الإسلام - رحمه الله - إلى أنّ ذكر المماسة في الآية ليس من البلاغة التي تنسجم مع طريقة القرآن وليس من الفصاحة , فتركه هو مقتضى الفصاحة والبلاغة لأنه معلوم مما سبق ووجه أنه معلوم مما سبق أنه إذا قيّد الفاضل فالمفضول من باب أولى , فحصل بهذا الكلام الجواب عن قولهم لماذا قيّد الصيام دون الإطعام , إذا كنتم تكتفون بتقييد الأول أكتفوا بتقييد العتاق فقط , واتركوا الصيام والإطعام , فبيّن الشيخ أنه إنما قيّد الصيام دون الإطعام بسبب ماذا؟ طول مدة الصيام مما يظن معه الظان أنه يجوز له أن يطأ , وما ذكره الشيخ قوي في الحقيقة نقول لا يجوز للإنسان كما هو مذهب الحنابلة أن يأتي زوجته إلاّ بعد أن يكفّر. لاسيما وأنّ الكفارة موضوعة للتأديب وهذا من التأديب.