والقول الثاني: أنّ الإنسان له أن يطعم كفارة عن ظهاره بالمقدار الذي يشاء , وليس هناك حد لما يخرج واستدلوا بأنّ الآية أمرت بالإطعام مطلقاً وأما الروايات في حديث أوس وسلمة بن صخر - رضي الله عنهما - فهي ضعيفة كلها، وأما الآثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - فهي مختلفة، الراجح إن شاء الله المذهب، سبب الترجيح أنّ الآثار عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت مختلفة إلاّ أنّ جمهور الصحابة على هذا التفصيل كما أنّ معاوية - رضي الله عنه - خطب في الناس في المدينة وذكر لهم هذا المقدار من زكاة الفطر ومن هنا نقول مادام أنّ جمهور أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا القول فهو القول الراجح، كما أنّ القول بعدم التحديد مطلقاً خروج عن فتاوى الصحابة , فإنّ الصحابة اتفقوا على التحديد واختلفوا في مقداره، فنحن نقول لا بد من التحديد ونختار هذا التحديد الذي ذكره الحنابلة لموافقته ما خطب به معاوية رضي الله عنه بين الصحابة.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(لكل واحد , ممن يجوز دفع الزكاة إليهم)
انتقل الشيخ إلى بيان من يجوز أن يعطى من كفارة الظهار فيجوز أن يعطى من يعطى من الزكاة , ولهذا هو يقول - رحمه الله - لكل واحد ممن يجوز دفع الزكاة إليهم، وعبارته في الحقيقة فيها خلل لأنّ الحنابلة يرون أنه يجوز لكن بقيد وهو من يأخذ لحاجته وهذا القيد أساسي كان ينبغي على المؤلف أن يقيّد العبارة به , فالحنابلة يرون أنه يجوز أن نعطي كل من يجوز أن يأخذ من الزكاة لحاجته ولا يجوز أن نعطي من يأخذ لغير حاجته , فمن أمثلة من يأخذ لحاجته الفقير والمسكين والمدين ونحوهم.
ومن أمثلة من يأخذ لا لحاجته العاملون عليها , هؤلاء يأخذون لا لحاجتهم. ودليل الحنابلة على هذا الضابط أنّ الله تعالى نص على المساكين في كفارة الظهار {فإطعام ستين مسكينا}[المجادلة/١] فنص على المساكين، فقاسوا - رحمهم الله - غير المساكين عليهم بجامع وجود الحاجة في الصنفين فقالوا إنما نص الله على المساكين لأنّ له حاجة فكذا غيره من أصناف أهل الزكاة ممن يأخذ لحاجة.