والقول الثاني: لا يجوز أن نعطي إلاّ المسكين فقط لأنّ الله تعالى إنما نص على المسكين فقط فلا نخرج عنه وإلى هذا القول مال ابن القيم - رحمه الله - تمسكاً بالآية ونحن نلاحظ أن شيخ الإسلام وابن القيم يأخذون بإطلاق الآية ..... فلا يزيدون ولا ينقصون وهذا تمسكاً منهم بظاهر الآية وهو استدلال صحيح فيما إذا لم تخالف الآثار الأخرى هذا النص.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وإن غدَّى المساكين أو عشاهم لم يجزئه)
وعلل الحنابلة ذلك بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - في كفارة فدية الأذى أمر بالتمليك لقوله - صلى الله عليه وسلم - لكعب أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، واللام في لكل للتمليك، ومن غدا أو عشا فلم يملك والواجب التمليك وعرفتم الآن أنّ الاستدلال بالقياس على فدية الأذى.
القول الثاني: له أن يغديهم أو يعشيهم لأنّ الله تعالى أمر في الآية بماذا؟ الإطعام، فإذا غداهم أو عشاهم فقد أطعمهم. فهو امتثل الأمر بذلك، وهذا القول هو الراجح إن شاء الله لأنه يعتبر أطعم بمجرد الغداء والعشاء، وهذا هو القول الصحيح فيخرج من العهدة بأن يغدي أو يعشي ستين مسكيناً.
* * مسألة: علم من إطلاق الآية أنه لا يجوز أن يعطي الطعام الكافي لستين مسكيناً أن يعطيه لمسكين واحد أو لمسكينين بل لابد أن يفرق هذا الطعام بين ستين مسكيناً لأنّ الله أمر أن يطعم ستين مسكيناً فلو غدى أو عشى ثلاثين مسكينا مرتين فإنه لا يجزئ لأنه يجب أن يتعدد المساكين ليبلغوا ستين مسكيناً.
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وتجب النية في التكفير من صوم وغيره)
أي يجب عليه أن ينوي أنها كفارة الظهار سواء كفر بالعتق أو بالصيام أو بالإطعام فإن لم يفعل فإنها لا تجزئ.
لدليلين: عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرأ ما نوى) فيجب أن ينوي أنه يخرج هذا الشيء كفارة عن ظهاره.
الدليل الثاني: أنّ إخراج الكفارة يحتمل أنه عن كفارة يمين أو نذر أو غيرهما ولا يحدد كونها عن كفارة الظهار إلا النية ولا ينبغي أن يكون في هذا خلاف لأنّ هذه الكفارة عبادة وبلا نية تحدد لا تجزئ عن صاحبها
قال المؤلف - رحمه الله -:
(وإن أصاب المظاهر منها ليلاً أو نهاراً انقطع التتابع)