المسألة الثانية: المجنونة إذا قذف زوجته المجنونة فإنه لا لعان وإنما يعزر وعلل الحنابلة هذا بأنّ اللعان هو عبارة عن أيمان ويشترط لصحة الأيمان التكليف وهذه مجنونة وليست بمكلفة فلا يصح حلفها وأيمانها فلا يصح معه اللعان لأنّ اللعان لا يصح إلاّ بين زوجين فإذا بطل في أحد الزوجين بطل في الآخر , وهذا الكلام من المؤلف عام يشمل ما إذا أراد الزوج أن يلاعن ليتخلص من الحد أو أن يلاعن لينفي الولد.
بناء على مذهب الحنابلة لا يستطيع الزوج أن ينفي الولد من زوجته المجنونة مطلقاً لأن نفي الولد لا يكون إلاّ باللعان واللعان مع المجنونة لا يصح وهذه مشكلة لأنه قد يعلم علم اليقين أنه زوجته زُنيَ بها وأنّ هذا الولد ليس بولد له ومع ذلك لا يستطيع أن ينفي الولد لأنّ اللعان باطل.
القول الثاني: في هذه المسألة أنّ الزوج إذا أراد أن يلاعن بقصد نفي الولد فقط صح ويكون اللعان في هذه الصورة من قبل الزوج فقط.
هذا القول قول العلامة القاضي أبي يعلى من الحنابلة وهو قول وجيه لأنه جمع بين الأدلة فنحن نقول للزوجة لا تلاعن لأنها غير مكلفة وإنما يلاعن الرجل لأنه أراد نفي الولد لا درأ الحد عن نفسه، وهذا القول إن شاء الله هو الصحيح.
قوله: (عزر ولا لعان)
التعزير هنا مقابل السب لا القذف لأن كلامه هنا يعتبر سباً لا قذفاً.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ومن شرطه: قذفها بالزنا لفظاً كزنيت , أو يا زانية , أو رأيتك تزنين في قبل أو دبر)
أي فلا يشترط أن يقول رأيتها تزني أو أن الحمل ليس مني لعموم الآية.
والقول الثاني: لا بد من أن يصرح بالرؤية أو بإنكار الحمل ولا يكتفي بزنيتي وهو مذهب مالك لأنه في حديث هلال قال: "رأيت بعيني وسمعت بأذني"، والراجح الأول لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والآية عامة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(في قبل أودبر)
يعني أنه لا يشترط في القذف أن يخصص بالقبل بل لو قذفها في الدبر صح , لأنه وطء في فرج فصح القذف به ولأنّ الوطء في الدبر يلحقها به العار كما في القبل , ففي هذه المسألة لا نفرق بين القبل والدبر.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(فإن قال وطئت بشبهة أو مكرهة أو نائمة)