إذا الأولى هي المرأة التي فارقها زوجها بعد الخلوة فإذا خلا بها فإن العدة تجب , ومعنى قول المؤلف خلا بها يعني ولو بلا وطء , وهذه المسألة وهي وجوب العدة بمجرد الخلوة محل خلاف. فالقول الأول: هو ما سمعت هو مذهب الحنابلة بل هو مذهب الجمهور من السلف والخلف أن العدة تجب بمجرد الخلوة واستدل الجماهير على هذا الحكم بالآثار الثابتة عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد روي عن التابعين أن الخلفاء الراشدين قضوا وحكموا أن من أرخى سترا أو أغلق بابا فقد وجب المهر والعدة. فهذا الأثر مروي عن الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - إلا أن هذا الأثر في إسناده شي من الضعف فهو معلول بالإرسال.
الدليل الثاني: أنه صح عن عمر - رضي الله عنه - أنه أوجب العدة بالخلوة. الدليل الثالث: صح عن ابن عمر , الدليل الرابع: صح عن علي. الدليل الخامس: صح عن زيد بن ثابت. فهو مروي عن الصحابة. والأثر المروي عن الخلفاء الراشدين وإن كان في إسناده ضعفا إلا انه يتقوى بالآثار الأخرى المروية عن عمر وعلي - رضي الله عنه -.
القول الثاني: وهو مذهب الشافعي القديم: أن العدة لا تجب بمجرد الخلوة. واستدل الشافعي ثم - رحمه الله - بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}[الأحزاب/٤٩]. وقد صرحت الآية أن العدة إنما تجب بالمسيس ونفى العدة عند انتفاء المسيس والخلوة المجردة عن الوطء ليس فيها مسيس. والمس في الاية هو الجماع. والدليل الثاني لأصحاب القول الثاني أن عدم وجوب العدة مروي عن ابن عباس وابن مسعود. وأثر ابن عباس وابن مسعود ضعيف , ضعفه الامام أحمد وضعفه البيهقي وابن المنذر وأعله الإمام أحمد بأنه مخالف لما روي عن الصحابة وقال أنه لم يصح عن الصحابة إلا وجوب العدة , الراجح المذهب بلا إشكال وهو مروي عن الصحابة , وليس للإنسان أن يخرج عن ما أفتى به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يحفظ عنهم فيه خلاف صحيح. فمجرد الخلوة توجب العدة.
ثم - قال رحمه الله - (مطاوعة مع علمه بها وقدرته على وطئها ّ)