القول الثاني: أنّ مدة التربص لزوجة المفقود يرجع في تحديدها إلى الحاكم لأنها تختلف باختلاف الأشخاص وباختلاف الملابسات والأحوال فمن فقد في معركة يختلف عمن فقد في رحلة استجمام. يختلف عمن فقد داخل البلد ولكل حاله وملابساته التي تستدعي من الحاكم أن يأمر بمدة تتناسب مع وضع المفقود. وحمل أصحاب هذا القول أثر عمر على أنه فتوى معينة خاصة وليست فتوى عامة
ظاهر كلام شيخ الإسلام اختيار القول الأول إلاّ أنه لا يفرق بين من غالبه الهلاك أو السلامة , بل في الكل أربع سنوات. ولهذا يقول والقول الصواب في مدة التربص زوجة المفقود ما روي عن عمر - رضي الله عنه - والمروي عن عمر هو أربع سنوات. الراجح أن نقول أما التفريق بين من غالبه السلامة أو الهلاك فهو تفريق ضعيف وليس في أثر عمر التفريق مطلقا.
بقينا في الترجيح بين القولين أن تتربص لمدة أربع سنوات أو أن يرجع في تحديده إلى الحاكم وكل من القولين قوي وجيه ولعل الأقرب أنه يرجع في تحديده إلى الحاكم لأنه أحيانا يكاد يجزم الإنسان بالهلاك فإبقاء المرأة لأربع سنوات فيه مضرة بلا فائدة فلعل الراجح هو هذا القول الثاني.
قال - رحمه الله - (وأمة كحرة في التربص)
يعني أنّ الأمة لا تتخلف عن الحرة في مدة التربص وإن اختلفت عنها في العدة والسبب في هذا أنّ الغرض من التربص هو معرفة حال الزوج وهذا لا يختلف بكون الزوجة حرة أو أمة وهذا أمر واضح.
قال - رحمه الله - (وفي العدة نصف عدة الحرة)
لما تقدم معنا مرارا من أنّ الأمة تعتد نصف عدة الحرة دائما سواء كانت بالأقراء أو بالأشهر إلاّ أن تكون العدة مما لا يتنصف كالحيض فإنها تكون حيضتان فقط لكن القاعدة العامة أنّ الأمة على النصف من الحرة في مدة العدة.
قال - رحمه الله - (ولا تفتقر إلى حكم حاكم بضرب المدة وعدة الوفاة)
يعني أنّ مدة التربص وعدة الوفاة تبدأ بهما المرأة من حين فقد الزوج ولا نحتاج إلى حكم حاكم بأن يحكم بأن تبدأ أو لا تبدأ لا نحتاج إلى هذا , واستدلوا على هذا الحكم بأمرين الأول: أنه لا يوجد دليل على اشتراط حكم الحاكم في مدة التربص أو الوفاء.
الثاني: القياس على من ارتفع حيضها ولم تدر سببه فإنها تعتد لمدة سنة بدون حكم حاكم.