القول الثاني: أنّ مدة التربص وعدة الوفاة تحتاج إلى حكم حاكم ولا تبدأ إلاّ بحكم حاكم واستدلوا على هذا بأمرين:
الأول: أنّ كل مدة فيها خلاف فإناّ نحتاج إلى حكم الحاكم ليرفع هذا الخلاف كما أنّ كل مدة تحتاج إلى نظر نحتاج فيها إلى رأي الحاكم. الدليل الثاني: أنّ فتح هذا الباب يؤدي إلى التلاعب , فبإمكان المرأة أن تزعم أنّ زوجها مفقود وتتربص مدة يراها الحاكم ثم تعتد عدة الوفاة وتتزوج ويكون في هذا نوع من التلاعب أليس كذلك؟ أي القولين أرجح؟ الثاني لأنه أضبط يعني العمدة في ترجيحه أنه أضبط ويتأكد اختيار القول الثاني في وقتنا هذا لأنه في وقتنا هذا كثير من العمال يذهب لمدة طويلة للعمل وقد لا تتمكن زوجته من الاتصال به فتزعم أنه مفقود , وتبدأ بالتربص من حين ترى هي أنه مفقود وتبقى مدة التربص ثم العدة وبهذا تستطيع أن تتزوج بزوج آخر وهذا يفتح باب شر لا شك في ذلك فالراجح إن شاء الله أنه لا بد أن يستشار الحاكم وتضرب المدة برأي الحاكم.
ثم لما ذكر حكم زوجة المفقود من حيث التربص والعدة انتقل إلى ما يترتب على ما لو تزوجت بزوج ثاني.
قال - رحمه الله - (وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول)
قوله وإن تزوجت الحنابلة يرون أنّ هذا الزواج بالثاني زواج صحيح في الظاهر بمعنى أنه إذا ضربنا المدة للتربص وانتهت مدة التربص ثم اعتدت للوفاة وخرجت من العدة وتزوجت بالزوج الثاني فإنّ هذا الزواج صحيح في الظاهر فقط.
واختار شيخ الإسلام أنّ هذا الزواج الثاني صحيح في الظاهر والباطن. وسيأتينا في مفردات المسائل ما يدل على رجحان اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - يقول المؤلف وإن تزوجت فقدم الأول قبل وطء الثاني فهي للأول. إذا تزوجت بعد مدة التربص وعدة الوفاة فهي للأول ثم بعد الزواج بالثاني قدم الأول يقول المؤلف فهي للأول ومعنى قوله فهي للأول يعني بلا اختيار وإنما تكون للأول مباشرة, الدليل على هذا أنه بقدوم الزوج الأول تبيّنا بطلان عقد الزوج الثاني , وإذا بطل العقد الثاني صارت زوجة للأول.