والقول الثاني: أنّ الزوج الأول إذا قدم قبل الدخول أو بعد الدخول فهو مخير ولا يلزم بزوجته بل يخير بين زوجته وبين المهر , فإن اختار المهر صارت زوجة للثاني وإن اختار زوجته رجعت زوجته إليه واستدل أصحاب هذا القول على قولهم بأنه ليس في الآثار المروية عن عمر ابن الخطاب - رضي الله عنه - التفريق بين أن يكون قدوم الزوج الأول قبل الدخول أو بعد الدخول. بل فيه التخيير مطلقا.
واستنبط شيخ الإسلام من هذه القصة قاعدة وهي أنه كل عقد يتوقف على رضا أحد الأطراف فإنه يكون على التخيير وذكر أنّ هذه القاعدة تدل عليها نصوص كثيرة منها فتوى عمر هذه أنه خير الزوج الأول. ومنها أحاديث تلقي الركبان وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فإنّ صاحب السلعة بالخيار إذا أتى السوق , فجعل له الخيار فدلت هذه النصوص على صحة القاعدة التي قررها رحمه الله.
يقول - رحمه الله - (وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول)
إذا جاء الزوج الأول بعد دخول الزوج الثاني فهو مخير وهذا بالإجماع بل إنّ هذا الإجماع حكي عن الصحابة هذا إذا أتى الزوج بعد دخول الزوج الثاني.
يقول (وبعده له أخذها زوجة بالعقد الأول ولو لم يطلق الثاني)
له أخذها بالعقد الأول يعني للزوج الأول أن يأخذها بالعقد الأول ولا يحتاج إلى تجديد عقد واستدل الحنابلة على هذا بأنه بمجيء الزوج الأول تبيّنا بطلان عقد الزوج الثاني , وصحة بقاء عقد الأول فلا يحتاج إلى تجديد.
القول الثاني: أنه يجب أن يجدد العقد الأول إذا اختار زوجته , وهذا القول الثاني مبني على مسالة أخرى وهي أنه إذا أرادتا المرأة أن تتزوج فإنّ على الحاكم أن يأمر ولي الزوج الأول أن يطلق , لأنّ عمر بن الخطاب لما أراد أن يزوج المرأة استدعى ولي الزوج الأول وأمره أن يطلق نيابة عن الزوج الأول , وإذا طلق لم تصبح زوجة له لأنه طلق بأمر الشارع فنلزمه بتجديد العقد وهذا القول الثاني أرجح وأحوط ولا يضر الزوج الأول أن يعيد العقد.
يقول - رحمه الله - (ولو لم يطلق الثاني)
هنا نأتي إلى مسألتنا السابقة وهي أنّ الحنابلة يرون أنّ الزواج الذي تم من قبل الزوج الثاني صحيح في الظاهر دون الباطن ولهذا لا يحتاج أن يطلق لأنه زواجه ليس بصحيح في الباطن.