اللبن الذي وجد بسبب الزنا أو بسبب العقد الباطل محرم لكنه يثبت الأمومة دون الأبوة فيكون الطفل ابن للمرأة والواطئ ليس أبا له يعني من الرضاع , استدل الجمهور على هذا بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يثبت من الرضاع ما يثبت من النسب , أو يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وهذا الطفل لا يثبت نسبه للواطئ فلا يثبت تحريمه بلبنه.
القول الثاني: أنّ اللبن الذي ثاب عن زنا أو عقد باطل يثبت في الأمومة والأبوة في الرضاع واستدلوا على هذا بأنه وطء ثاب عنه حمل ولبن فيقاس على الوطء الصحيح وهو قياس ضعيف جداً لأنه قاسوا في الشكل الظاهر فقط بينما حقيقة المعنى أنّ هذا عقد محرم أي الباطل أو الزنا , وهذا عقد مشروع ولا يقاس مشروع على الممنوع ولهذا نقول الراجح مذهب الحنابلة وهو ثبوت الأمومة دون الأبوة.
قال - رحمه الله - (وعكسه البهيمة)
لما انتهى من الأنواع التي يثبت فيها التحريم انتقل إلى بيان الأنواع التي لا يثبت فيها التحريم فقال (وعكسه البهيمة) مقصود المؤلف بقوله (وعكسه البهيمة) يعني أنّ التحريم لا يكون إلاّ بلبن المرأة ويخرج بهذا لبن البهيمة والخنثى والرجل. ولهذا لو أنّ المؤلف عبر بتعبير آخر فقال (ولا يثبت إلاّ بلبن المرأة) لكان أجود ليخرج كل ما عداه البهيمة وغير البهيمة التعليل عللوا هذا بأنّ أحكام الرضاع إنما تثبت أصالة في الأم ويتبعها الآخرون فإذا لم يثبت في الأم لم يثبت فيما عداه. ولهذا لو أنّ البهيمة أرضعت طفلا فلا تسمى أمه من الرضاع أو تسمى؟ لا تسمى لأنّ لفظ الأمومة يتعلق ببني آدم كذلك لو أرضع رجل طفلا إذا قدرنا وجود اللبن في الرجل فإنه هل يكون أمه من الرضاع لأنّ الأمومة تتعلق بجنس الإناث من بني آدم.
ثم - قال رحمه الله - (وغير حبلى , ولا موطوءة)
ذهب الحنابلة إلى أنّ اللبن المؤثر لا يكون مؤثرا إلاّ إذا كان بسبب الحمل , وظاهر عبارة المؤلف أنه يكون بسبب الحمل أو الوطء بلا حمل وقد خالف بذلك المذهب , والمذهب أنه لا يكون إلاّ بحمل فإذا وجد لبن في المرأة من غير حمل فإنه لا يؤثر واستدلوا على هذا بأنه خلاف المعتاد.