والقول الثاني: أنّ المرأة البالغة إذا وجد فيها اللبن وأرضعت صار محرما , ولا يشترط أن يكون من حمل , وابن المنذر يحكي الإجماع هذا القول الثاني مع أنّ مذهب الحنابلة الاصطلاحي على خلافه مع ذلك يحكي الإجماع على هذا القول الثاني ودليله ظاهر وهو أنّ الله علق أحكام الرضاع على أن يرضع الطفل لبن المرأة بغض النظر عن سبب وجود اللبن هل هو من حمل أو بغير سبب. وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله لأنّ النص الدال على تحريم الرضاع عام.
قال - رحمه الله - (فمتى أرضعت امرأة طفلا صار ولدها في النكاح والنظر والخلوة والمحرمية)
يريد المؤلف أن يبيّن أنّه إذا وجد الرضاع الصحيح المكتمل الشروط. فإنه يكتسب هذه الأحكام من أحكام النسب دون بقية الأحكام فلا يثبت الإرث ولا يثبت وجوب النفقة ولا يثبت أي حكم من أحكام النسب إلاّ هذه الأحكام الأربعة.
الحكم الأول: في النكاح يعني تحريم النكاح. والحكم الثاني: النظر يعني جواز نظر المرتضع لمن أرضعته ومن يجوز ممن سيبيّن المؤلف جواز النظر إليهم. (والخلوة والمحرمية) الخلوة يعني يبقى هو وهي بلا ثالث. والمحرمية يعني في السفر. فهذه أربعة أحكام تترب على الرضاع الصحيح دون بقية أحكام النسب. والدليل على هذا الحديث [يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب]
قال - رحمه الله - (وولد من نسب لبنها إليه بحمل أو وطء)
قوله وولد هذا عطف على قوله في الأول (صار ولدها) يعني صار ولدها وولد من نسب لبنها إليه بحمل أو وطء هذه المسألة تسمى لبن الفحل , يعني أنّ المحرمية لا تقتصر على المرضعة بل تتعداه إلى صاحب اللبن أي الشخص الذي وجد الحمل والحليب بسببه وهو من ينسب إليه الحمل والدليل على أنّ الرجل أيضا يصبح أبا للرضيع أو للمرتضع ما ثبت أنّ عائشة - رضي الله عنها - رضعت من امرأة فجاء أخو زوجها ليدخل فمنعته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - دعيه يدخل فإنه عمك. وصار عماً باعتبار أنه أخ لمن؟ لأبيها من الرضاع - رضي الله عنها - فهذا الحديث نص في المقصود ..... انتقل المؤلف لبيان من يحرم بسبب الرضاع
قال - رحمه الله - (ومحارمه في النكاح محارمها ومحارمها محارمه)