الثاني: وهو الأقوى كان ينبغي أن نبدأ به , هو أنه صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أرسل لأمراء الأجناد أنّ من كان من الجند له زوجة فإما أن يرسل بالنفقة أو يرسل بالطلاق , قال رضي الله عنه وإذا أرسل بالطلاق فليرسل بنفقة ما مضى] فهذه الفتوى من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فيها أنّ الزوجة لها حق الطلاق إذا لم يتمكن من النفقة.
الدليل الثالث: حديث أبي هريرة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أنفق أو فارق - والصواب في هذا الحديث أنه موقوف ولا يصح مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا كان موقوفا فقد صح عن عمر وعن أبي هريرة ولا يعلم لهما مخالف.
القول الثاني: أنّ المرأة لا تملك الفسخ بل تملك أن تستدين على الزوج أو يرسلها لتكتسب ولا تملك الفسخ بل عليها أن تنظر الزوج واستدل هؤلاء بقوله تعال {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة}[البقرة/٢٨٠] وهذه الآية في الديون والنفقات من جملة الديون.
القول الثالث: فيه تفصيل إذا دخلت الزوجة على الزوج وهي عالمة بعسره أو كان موسرا فأعسر فإنها لا تملك الفسخ. وإن كان الزوج غرّها بإيهامه إياها أنه موسر ثم تبيّن أنه معسر أو كان موسرا وامتنع عن النفقة فلها الفسخ استدل أصحاب هذا القول بأنه إذا كانت الزوجة تعلم بإعساره فقد دخلت على بصيرة فلا حق لها بالفسخ , وإذا كان موسرا ثم أعسر فإنه مازال الصحابة الواحد منهم يصيبه العسر وقلة ذات اليد ولم ينقل أنّ زوجات الصحابة كن يطالبن بالفسخ. كما أنّ عائشة - رضي الله عنها - وحفصة لما طلبا من النبي - صلى الله عليه وسلم - النفقة همّ أبو بكر وعمر بضربهما مما يدل على أنّ المطالبة كانت غير شرعية وأنه يجب على حفصة وعائشة الصبر وهذا القول اختاره العلامة ابن القيم وهذا القول صحيح إلاّ أني لا أراه صحيحا في نقطة واحدة وهي إذا كان الزوج موسرا ثم أعسر هذه النقطة الراجح فيها أنها تملك الفسخ وقول ابن القيم أنه لم يعهد في الصحابة بل عهد فهذه فتوى عن عمر وعن أبي هريرة.