إذا سافر سفرا قريبا للسكنى فالحق للأم عند المؤلف والمذهب. فالمؤلف خالف المذهب في مسألتين فقط: إذا سافر سفرا قصيرا لحاجة أو سافر سفرا طويلا لحاجة. أما إذا سافر سفرا قصيرا للسكنى فكما قال المؤلف أن الحق للأم , لأنه إذا كان الأب من الابن استطاع أن يرعاه وأن يقوم على حوائجه وأن ينتبه له لأن السفر قصير بإمكانه الاستمرار في مراعاته فيبقى الحق للأم.
انتهى هذا الفصل وينتقل المؤلف للفصل الأخير الذي يريد أن يبين فيه متى تنتهي ولاية الحضانة.
فصل
- قال رحمه الله - (وإذا بلغ الغلام سبع سنين عقلا خير بين أبويه فكان مع من اختار منهما)
إذا بلغ الغلام سبع سنين فالحكم عند الحنابلة انه يخير بين أبويه , واستدل الحنابلة على هذا بثلاث أدلة: الدليل الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (خير غلاما بين أبويه)
الدليل الثاني: أن هذا قضى به اثنان من الخلفاء الراشدين عمر وعلي - رضي الله عنهما -
الدليل الثالث: أن هذا مروي عن أبي هريرة.
فتكون الآثار ثلاثة وينتج عندنا الدليل الذي يستعمله ابن قدامة وهو انه نقل عن الصحابة ولم يعلم لهم مخالف فصار إجماعا.
القول الثاني للأحناف: أن يكون مع الأب ولا يخير. القول الثالث للمالكية: أن يكون مع الأم ولا يخير.
وعلمنا من سياق الخلاف أن الأحناف والمالكية يتفقون على قضية وهي عدم التخيير.
واستدلوا على هذا: بأن الصبي الذي بلغ تسع سنين إذا خير فسيختار من أبويه الأسهل الذي يمكنه من اللعب وترك الأمر الجاد فإذا لا تخيير عندهم. وكما ترون دليلهم قوي في الحقيقة ووجيه. لكن يجاب عنه بأمرين: الأمر الأول: أن الحنابلة الذين قالوا بالتخيير قالوا أن الصبي لا يقر في يد من لا يصلحه , فإذا تبين أن هذا الذي اختاره الصبي اختاره ليلعب عنده ويترك الأمر الجاد من التعليم والتربية نزعت منه. الأمر الثاني: أن الحنابلة يستدلون على آثار صحيحة بعضها عن النبي - صلى الله عليه وبعضها عن الصحابة لا يمكن العدول عنها لمجرد دليل عقلي ولو كان قويا. بهذا القول - إن شاء الله - الراجح مذهب الحنابلة.
ثم - قال رحمه الله - (ولا يقر بيد من لا يصونه ويصلحه)