أما أنّ موجبه القود فدليلهم هو دليل القول الثاني. وأما أنه لا يشترط رضا الجاني إذا أرادوا الانتقال إلى الدية فلقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء/٢٩] وإذا لم يرض بالدية فقد قتل نفسه والراجح المذهب.
والقول الثالث من حيث الخلاصة والثمرة كالقول الأول تماما لكن تفقهم في المسألة يختلف ولا النتيجة أنّ أولياء الدم لهم الحق بين القتل أو أخذ الدية.
قال - رحمه الله - (وعفوه مجانا أفضل)
بلا نزاع كونه يعفو إلى غير شيء أفضل لقوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}[الشورى/٤٠]
وذهب شيخ الإسلام إلى أنّ العفو أفضل إذا كان في العفو مصلحة وإلا فإنّ الاستيفاء أفضل واستدل على هذا بأنّ الله سبحانه وتعالى قال {فمن عفا وأصلح فأجره على الله}[الشورى/٤٠] فقرن العفو بالإصلاح فليس من الإصلاح أن يعفى عن مفسد في الأرض لم يظهر توبة هذا ليس من الإصلاح في شيء بل الإصلاح أن يستوفى منه ليكون عبرة لغيره.
قال - رحمه الله - (فإن اختار القود , أو عفى عن الدية فقط فله أخذها)
إذا عفى عن القود يعني إلى الدية أو عفى عن الدية فقط يعني دون القصاص فله أن يأخذ الدية وإذا أخذ الدية في هذه الحال فهذه الدية دية جديدة مقابل القصاص وليست هي الدية التي نقول هو مخير بين أمرين وهذا الفرق بين قول المؤلف هنا له أن يختار بين الأمرين وبين هذه المسألة التي نتكلم عليها. بعبارة أخرى إذا قيل لولي الدم أنت مخير بين القصاص والدية فهو إما أن يختار الدية حينئذ يكون له الدية والأمر واضح. أو يختار العفو عن الدية دون القصاص فحينئذ يكون حقه في القصاص فله أن يتنازل عن هذا القصاص الذي اختاره إلى الدية وهذه الدية ليست هي الدية التي للتخيير وإنما بديل عن القصاص الذي اختاره ولولا هذا لكان كلام المؤلف ليس له معنى لأنّ التخيير سبق. وهو يقول في أول الباب [يجب بالعمد القود أو الدية] إذا هذا ليس هو من باب التخيير ولكن ليبيّن أنّ الإنسان له أن ينتقل من القصاص إلى الدية وهذا معنى قوله [فله أخذها]